IMLebanon

مِنْ فيينا إلى بيروت؟

الكل يبشّر بقرب موعد انجاز الاتفاق النووي بين الدول الخمس زائداً واحداً وبين الحكومة الإيرانية، والكل يتوقع التوقيع على هذا الاتفاق مع الأيام أو الأسابيع القليلة المقبلة. وزير خارجية إيران جواد ظريف حضر إلى فيينا من أجل التوقيع ووزير خارجية أميركا جون كيري يختصر نهاية مسلسل المفاوضات الشاقة بالتوقيع على الاتفاق النهائي أما وزير خارجية روسيا فهو أيضاً متفائل بل حاسم بأن الاتفاق النهائي أصبح جاهزاً للتوقيع.

واللبنانيون الذين ربطوا حل الأزمة الرئاسية بالتوقيع على الاتفاق النووي منشغلون بأمور أخرى ربما ليس لها علاقة بما يجري في العالم، وأكثر ما يشغلهم في هذه الأيام الدقيقة انعقاد مجلس الوزراء لإقرار ما لدى الحكومة من قضايا ومشاريع اقتصادية واجتماعية تخفف من هموم اللبنانيين وتحرك عجلة الحكومة التي أصبحت مرتبطة بالتعيينات الأمنية بناء على طلب رئيس التيار الوطني الحر النائب ميشال عون وحليفه حزب الله والذين هم أيضاً ربطوا حل الأزمة الرئاسية بما ينتج عن اجتماعات فيينا في شأن الاتفاق النووي النهائي وبين حل الأزمات اللبنانية الداخلية من أزمة رئاسة الجمهورية إلى أزمة مجلس النواب الممنوع من عقد جلسات تشريعية تساهم في تسيير شؤون الدولة المجمّدة وأزمة الحكومة المعطّلة بالنظر للتأثير الإيراني عبر حزب الله والتيار الوطني الحر على هذه الأزمات، هؤلاء اللبنانيين ربطوا كل مشاكلهم الداخلية بتوقيع الاتفاق النهائي في شأن الملف النووي أو تأجيله مرة أخرى أو بعدم الاتفاق عليه وعودة المفاوضات إلى المربع الأوّل وراحوا يناورون على حساب الدولة لتقطيع الوقت الضائع وبانتظار ما ستؤول إليه مفاوضات فيينا باعتبارها محطة أساسية في لعبة الأمم الجارية على صعيد المنطقة ومنها لبنان بطبيعة الحال نظراً لارتباطه إلى حدّ كبير بالموقف الإيراني، وبعد أن ارتفع منسوب الاتفاق النهائي على الملف النووي بين الدول الخمس زائداً واحداً هل يستفيد لبنان من هذا الحل ويفرج فريق من اللبنانيين معروفٌ بارتباطه بإيران عن الملفات العالقة بدءاً بملف رئاسة الجمهورية المرتبط بالاتفاق النووي كما يروّج فريق من اللبنانيين وكما هو حاصل فعلياً على صعيد اللعبة الداخلية.

وهذا السؤال موجه بالدرجة الأولى إلى حزب الله ورئيس التيار الوطني الحر قبل أن يوجه إلى أي فريق آخر سواء لبنانياً أو إقليمياً أو دولياً، فهل آن الأوان بنظرهم لحل الأزمات الداخلية وفي مقدمها الأزمة الرئاسية أم أن الأمر ما زال معلقاً بانتظار ما سينتج من تداعيات على منطقة الشرق الأوسط بنتيجة هذا الاتفاق، وما إذا كان سيفتح فعلاً أبواب الحوار بين إيران والمملكة العربية السعودية للاتفاق على الترتيبات المتعلقة بمنطقة الشرق الأوسط وبالعالم العربي تحديداً وبلبنان حصراً نظراً لارتباط أزماته الداخلية بمستقبل العلاقات الإيرانية – السعودية التي ما زالت تمر في ظروف حرجة رغم ما يُحكى عن تأثيرات إيجابية للاتفاق النووي على هذه العلاقات.

الجواب النهائي على هذا السؤال عند حزب الله والتيار الوطني الحر وليس عند قوى 14 آذار التي راهنت في الأساس على اتفاق اللبنانيين على حل أزماتهم الداخلية وليس على الخارج، والتوقعات ما زالت حتى الآن تميل إلى أنه بات بإمكان إيران إذا وقعت الاتفاق مع الدول الخمس زائداً واحداً أن تلعب دوراً إيجابياً ومؤثراً في حلحلة أزمات لبنان الداخلية ووضعه من جديد على الطريق القويم، كما بإمكانها أن تستمر في إبقائه غارقاً في أزمات إذا كان الاتفاق النووي الذي أصبح واقعاً لا يشمل بعد رسم خريطة دور إيران في هذه المنطقة.