IMLebanon

من النفايات إلى طارق يتيم…

في بلد تعم النفايات شوارعه لأن لا خطة بديلة من مطمر الناعمة ولا حكومة تجتمع في حالة طوارئ، إذ إنها لا تعتبر أن غرق المواطنين في النفايات يشكل حالة طارئة، ومن الطبيعي أن يسكن اللبناني قرب النفايات والأمراض لانه اعتاد الأسوأ من ذلك ربما، أو لأن الانسان لا قيمة له في بلد يعتبر ان الصحة والبيئة والنظافة ليست أولوية! في هذا البلد، حتى الأمن والحياة والسلام لم تعد من الاولويات. فيومياً يقتل أشخاص إما ذبحاً وإما بالرصاص وإما بالانتحار، وأخيراً بقتل رخيص على الطرق من أجل أفضلية مرور أو من أجل إشكال بسيط بين شخصين، فضلاً عن الخطف! فالتراجع في القيم والإنسانية واحترام روح الانسان يشكل عاملاً في الانفلات الامني الذي تراكم نتيجة حالة يعيشها اللبناني منذ أعوام، ونتيجة عدم وجود دولة، أو بالأحرى هيبة دولة! وهي نتيجة حروب متكررة واعتياد العيش في الموت والمأتم، حتى أصبحت قيمة الانسان رخيصة ورخيصة جداً! وهناك عامل آخر هو الذاكرة القصيرة للمواطن الذي لا يحاسب، وينسى حتى إنه أصبح ينسى مطالبه المحقة والأساسية والبديهية، وأصبح الجلاد يعلم أن المواطن يثور ويغضب لـ48 ساعة، من ثم ينسى ويذهب الحق معه! كل هذه العوامل كما عوامل التراجع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي لن تخلق سوى ظواهر إجرامية، من خطف وقتل الى يأس وانتحار! لكن كل ذلك لا يمنع ولا يبرر الوحشية والبربرية في جريمة قتل جورج الريف، وكل ذلك لا يعني أن هذا الوحش المريض يجب الا ينال أقسى العقاب. كما يجب، بإلحاح شديد، فتح ملف جديد هو ملف المخدرات في لبنان، لأن التعاطي السهل والكثيف يتسبب بجرائم كهذه أيضاً، فأين هي وزارة الداخلية من الملف؟ كل هذه النقاط مهمة في تحليل العملية البربرية التي قام بها الوحش المريض!

لكن رجاء عدم زج السياسة والمصالح الخاصة في ملف إنساني، وحتى ملف وطني كهذا، لأنه يسلط الضوء على مشاكل وطنية تعني جميع المواطنين من دون استثناء. فحذار استهلاك هذا الملف وهذه الجريمة المروعة لمصالح سياسية انتخابية ضيقة ولنشر شائعات تسيء الى طرف كي يستفيد منها طرف آخر، لان الملف أكبر من هذا، وألم اولاد المرحوم جورج وزوجته اكبر من ذلك. والمشهد المريع الذي رأيناه على الشاشات ووسائل التواصل الاجتماعي أكبر من ذلك. فهذه مشاهد تستفز كل صاحب ضمير وقلب وكل انسان! ويجب متابعة الملف حتى آخر دقيقة وفي كل تفاصيله، لأننا على الأقل، نحن اللبنانيين كنا نتباهى بإنسانيتنا وحضارتنا وعلاقاتنا الاجتماعية والانسانية التي تختلف عن دول الغرب، فإن تحول هذا الملف الى ملف دماء وعدم رحمة، فماذا يبقى للبنانيين؟