سحب الرئيس نبيه برّي إقتراحه أمام هيئة الحوار الوطني بعرض الأمر المتعلق بقانون الانتخاب على الهيئة العامة للمجلس حتى إذا وافقت على إعادة درسه وضع على جدول أعمال أول جلسة تعقد خلال الدورة العادية الحالية التي تنتهي نهاية شهر أيار المقبل بعدما لم يتلقَ أجوبة من الكتل النيابية وبعد تعالي أصوات الكتل المسيحية ضده وإصرارها على رفض عقد أية جلسة للمجلس إلا إذا كان قانون الانتخاب أول بند على جدول أعمالها، واستبدل هذا الاقتراح بآخر أكثر استغراباً من اقتراحه الأول يقضي بدعوة اللجان المشتركة لإعادة درس 17 اقتراحاً ومشروع قانون للجواب على سؤالين فقط، أولاً ماهية الدوائر وثانياً ماهية النظام نسبي حيث هناك قوانين تطالب بالنسبية، أو أكثري لأن هناك أيضاً قوانين تطالب بالأكثرية أو المختلط أو الفردي، وطلب من كل الكتل النيابية ولا سيما الكتل التي وقفت ضد اقتراحه أو اقتراح هيئة الحوار الوطني والذي كان مخطط له أن ينهي هذه المواضيع كلها قبل نهاية شهر أيار إذا ارتفع الحاجز الذي وضعته الهيئة العامة لنفسها والخروج برؤية واحدة أو متقاربة أو محصورة ولو باقتراحين أو ثلاثة والذهاب بها إلى مجلس النواب للمفاضلة بينها كي يُبنى على الشيء مقتضاه.
ليس المهم فقط الاقتراح بحد ذاته بل الأهم منه أن الرئيس برّي تراجع عن إصراره دعوة الهيئة العامة للتشريع الضروري بعدما اصطدم بمعارضة معظم الكتل المسيحية، بالرغم من أنه حظي كما يقول بموافقة هيئة الحوار الوطني عليه، وتراجع بالتالي عن كل ما كان يسوّقه في شأن ميثاقية الجلسة التي يريد عقدها تحت عنوان تشريع الضرورة في ظل غياب المكوّن المسيحي. لكن الاقتراح الجديد لم يوقف السجال الدائر بينه وبين الكتل المسيحية حول تفعيل عمل مجلس النواب القائم منذ التمديد له قبل سنتين تقريباً بل رفع من منسوب هذا السجال إلى درجة الصدام بين الكتل المسيحية والرئيس برّي الحريص على أن يُبقي على شعرة معاوية معها، ومن شأن هذا الصراع أن يتحوّل إلى كرة نار قد تطيح إلى مدى بعيد بعد سنتين ماضيتين بالاستحقاق الرئاسي ومعه تطيح بأي إمكانية بعقد جلسات وحتى جلسة واحدة لمجلس النواب خصوصاً وأن إمكانية التلاقي حول اقتراح الرئيس برّي الجديد تبدو هي أيضاً صعبة وقد تكون مستحيلة نظراً لاتساع شقة الخلاف بين الكتل النيابية حول أي قانون للانتخابات النيابية وعلى أي أساس سيكون، على الأساس النسبي أم على الأساس الأكثري كما هو وارد في الاقتراح الجديد لأنه لو كان ذلك ممكناً لما كانت اللجنة الخاصة التي شكّلها الرئيس برّي برئاسة النائب جورج عدوان أعلنت فشلها في الوصول إلى اتفاق وأحالت الأمر برمته إلى الهيئة العامة.
كل ما يمكن استخلاصه من اقتراح الرئيس برّي الجديد هو أنه تخلى عن فكرة دعوة الهيئة العامة لعقد جلسات التشريع الضروري، بعدما جوبه بمعارضة الكتل المسيحية وكتل أخرى لم تعلن صراحة عن موقفها، وترك معه أمور النّاس معطّلة أو شبه معطّلة حتى يأتي الفرج من عالم الغيب.