يبدي رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط قلقه ومخاوفه من الأوضاع اللبنانية المتردّية وغياب حسّ المسؤولية لدى بعض الزعامات، في حين أنه لا ينفك يردّد في مجالسه الخاصة حرصه على ضرورة الإحتكام إلى دور ومساعي رئيس المجلس النيابي نبيه بري في ما يحاول القيام بهدف لتفادي الأسوأ على البلد. وإذ تؤكد أوساط مقرّبة من جنبلاط بأن زيارة الوزير السابق غازي العريضي إلى الرابية، وحتى لقائه مع بري قبل يومين من زيارته إلى عين التينة برفقة النائب جنبلاط والوزير وائل أبو فاعور كانت شخصية من خلال الصداقة التي تربط العريضي برئيس المجلس النيابي وبعون وتياره. وبالتالي، فإن هدف جنبلاط من لقاء بري الأخير هو التداول في مخارج للأزمة التي تمر بها البلاد، ووضع كل الإحتمالات أمام ما قد يحصل لاحقاً في ضوء التصعيد السياسي الحاصل في هذه المرحلة، ولا سيما من قبل جنرال الرابية.
وتكشف الأوساط نفسها، بأن جنبلاط سيوسّع مروحة اتصالاته ولقاءاته مع المرجعيات السياسية والروحية، إذ يُنقل عن محيطين به، بأن اللقاء الذي جمع الوزير أبو فاعور برئيس تيار «المستقبل» سعد الحريري في جدة، حيث اصطحبه رئيس الحكومة السابق إلى دارته ،استمرّ حتى ساعات الصباح الأولى وتم خلاله بحث مجمل التطوّرات في لبنان والمنطقة، وتحديداً الوضع الحكومي المستجدّ، وقد أبدى أبو فاعور ارتياحه لهذا اللقاء الذي تناغم مع المواقف الجنبلاطية، وبالتالي، أضافت الأوساط عينها، أن هنالك جبهة عريضة لمواجهة محاولات فرط الحكومة قوامها بري ـ الحريري ـ جنبلاط ـ وزراء الرئيس ميشال سليمان واللقاء التشاوري بشكل عام، في حين أن «حزب الله» يتمركز إلى جانب العماد ميشال عون، لكنه يتمايز عنه بعدم رغبته في الإستقالة أو إسقاط الحكومة كما كانت الحال في المرة السابقة عندما دُفع الرئيس سعد الحريري للإستقالة.
من هنا، ستكون لجنبلاط حركة لافتة، إذ يُنقل عنه أنه يقوم بهذه المساعي خوفاً من الآتي، وحرصاً على استقرار البلد، وإنما ليس هنالك من أي مبادرة سيقوم بتسويقها بعدما أوقف كل المبادرات لجملة اعتبارات، كونه يدرك أن البعض له أجندته الإقليمية، ولا يمكنه أن يسير في الحلول المطروحة على بساط البحث، وتحديداً العناوين التي حدّدها، أي المبادرة التي سبق وأطلقها جنبلاط منذ حوالى العشرة أيام من خلال تعيين قائد جديد للجيش وانتخاب رئيس الجمهورية العتيد، إنما وصلت إلى الحائط المسدود.
وفي سياق آخر، يولي رئيس الحزب الإشتراكي ما يجري في السويداء إهتماماً خاصاً ولافتاً عبر بعض الأقنية السورية والتركية والأردنية، اضافة إلى الدور الذي يضطلع به الوزيران أبو فاعور وشهيّب، على اعتبار أنه يدرك أن ما ينتظر دروز الجبل في حال لم يستجيبوا لنداء العقل ويرفضوا أوامر النظام لزجّهم في القتال إلى جانبه ومواجهة شرائح أساسية سورية، فذلك لن يمر على خير، وستكون له انعكاسات خطيرة على الواقع الدرزي في سوريا بشكل عام وفي السويداء على وجه الخصوص. وعُلم أن هذه النداءات الجنبلاطية، إضافة إلى حراك بعض المشايخ المكلّفين في هذه المساعي قد اثمرت عن محاولات احتجاج ورفض شرائح درزية لا يستهان بها، لم تكن في السابق قادرة على المواجهة، ولكن هذا التحرّك أخذ بعداً إنقسامياً على مستوى الساحة الدرزية الداخلية في لبنان، ولا سيما بين خلدة والمختارة، حيث كُلّف النائب طلال إرسلان من قبل النظام السوري بتنسيق وترتيب أوضاع دروز سوريا، وقد استقبل منذ أيام وفداً درزياً سورياً من آل الأطرش في دارته في خلدة من أجل تجنيب السويداء أي فراغ، وقد نقل عن إرسلان بأن النظام السوري لن يتخلى عن دروز سوريا في ظل ما يجري الحديث عنه عن انسحابات للجيش السوري من السويداء، كما حصل في دوما وبعض المناطق الدرزية التي تعرّضت لعمليات عسكرية من جبهة «النصرة».