Site icon IMLebanon

المازوت المدعوم… “حصة الأسد” إلى سوريا!

 

هكذا يتم التهريب عبر “المصالح” الحدودية

 

لا تلبث أن تُطفأ قضية تهريب صهاريج المازوت وبوتيرة يوميّة من لبنان الى سوريا حتى تعود الى الواجهة مجدداً. كلّ ذلك من دون سياسة واضحة للقطاع النفطي وهو ما يدفع ثمنه المواطن الفقير ومعه مصرف لبنان ليستفيد منه تجار المواد النفطية تحديداً “المهرّبين” منهم.

 

بدأت قصة دعم المازوت عام 2006 تحديداً عبر قرار مجلس الوزراء الذي حمل رقم 55 تاريخ 9-11-2006 وأتى على تخصيص 35 مليار ليرة لبنانية لدعم المازوت الاحمر الذي كانت تستورده منشآت النفط في طرابلس والزهراني. غطّى الدعم بدل رسوم الضريبة على القيمة المضافة المفروضة على هذه المادة. استمرت عملية الدعم حتى عام 2011 بقيمة تخطت الـ210 مليارات ليرة ذهب الجزء الاكبر منها الى جيوب المنتفعين المستوردين على حساب المواطنين الذين وجدوا أنفسهم مجبرين على شراء المازوت من السوق السوداء وبأسعار مضاعفة.

 

ليس كل ذلك بالأمر الجديد. الا أن الخطورة تكمن في استحواذ الشركات الخاصة على “حصة الأسد” من السوق اللبنانية حيث تسيطر على 90% فيما يبقى للمنشآت 10% وكلّ ذلك في ظل انعدام الرقابة على كميات التوزيع والاستيراد حيث يتم استيراد كميات أكبر من حاجة السوق لتهريبها عبر الحدود اللبنانيّة وتكديس أرباح طائلة، وهنا يُطرح سؤال بديهيّ حول كيفيّة تأمين كلّ هذه الكميات التي تفوق حاجة السوق المحليّة من دون أي تدخل من الجهات الرقابية؟.

 

بالعودة الى قضية الدعم فهي قد توقفت قبيل فضيحة منشآت النفط في طرابلس والزهراني الكبرى عام 2011، تحديداً عندما تركت أبوابها في مراكز التعبئة مفتوحة حتى منتصف ليل آخر يوم من ضمن مدّة الدعم التي لحظها قرار مجلس الوزراء وذلك للاستفادة من دعم المازوت الأحمر وبيع أكبر كمية ممكنة قبل البدء بالعمل بقرار وقف الدعم (رقم 2 تاريخ 14-12 -2011).

 

بعد قرار وقف الدعم، وبعد عدة مراسلات بين وزارة الطاقة وأعضاء لجنة المال والموازنة، تقرر اعفاء مادتَي المازوت الاحمر والاخضر من الرسوم وذلك بمشروع قانون من الحكومة حمل رقم 7301 وأقرّه مجلس النواب وهو نصّ على إعفاء منشآت النفط من الضريبة على القيمة المضافة. اسباب الاعفاء من الـTVA كانت من بوابة ضرورة دعم مادة المازوت اثناء فصل الشتاء، لاعتباره سلعة اساسية استراتيجية للقطاعات الانتاجية والصناعية والزراعية وتأمين التدفئة ولاعتبار أنّ الشركات الخاصة أصلاً تسترد قيمة الـTVA.

 

اليوم، يستفيد كبار تجار المحروقات من هذا الاعفاء الضريبي من خلال تهريب المازوت الى سوريا ما يحقق لهم مردوداً أعلى من بيع هذه المادة في السوق المحلّية مستغلين العقوبات التي تمنع دخول هذه المحروقات الى سوريا.

 

قبل الازمتين النقدية والمالية، لم تكن هذه العمليات تؤثر على السوق المحلية لا سيما وأن العملة الخضراء كانت متواجدة بوفرة. أما اليوم وفي ظلّ الشحّ بالدولار من المصارف ومعها البنك المركزي، فإنّ مصرف لبنان يقوم بدعم شراء المحروقات بنسبة 85 % وبذلك يكون داعماً لهذه المادة المهربة الى سوريا وبذلك، يخسر المركزي من قدراته الاحتياطيّة بالدولار.

 

في هذا الاطار، تشدّد أوساط متابعة لـ”نداء الوطن” على أن كمية المازوت المهربة الى سوريا تفوق المليونَي ليتر يومياً، وتبلغ قيمتها السوقية مليار ليرة لبنانية. في عملية حسابية بسيطة، فإن تدخّل مصرف لبنان لتأمين الدولار لدعم المازوت يكبّده حوالى 560,000 $ يومياً (على أساس سعر صرف 1515).

 

وبحسب الاوساط عينها، فإنّ عملية التهريب تتم عبر مناطق متاخمة للحدود اللبنانية – السورية حيث توجد خزانات تحت الأرض وهناك يتم تخزين مادة المازوت قبل أن تعود وتُضخّ نحو الجانب السوري بواسطة أنابيب خاصة لهذه الغاية. و تسمى هذه النقاط “المصالح” (اسم سرّي) مع الاشارة الى أنّ هذه “المصالح” متواجدة تحت أعين أزلام الدولة النائمة المستفيدين من نظام الخوة السائد في المازوت… وفي كل شيء في لبنان!.