أول سؤال، يسأله المواطن العادي،بعد تأليف الحكومة الجديدة، هل سيستمر حال الاذلال والاهانة التي يعيشها المواطن اللبناني، جراء فوضى وفلتان سوق المحروقات، كما هي الحال، ام ستبادر الحكومة، الى اتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة والسريعة لمعالجتها، وتخليص المواطن من براثن سيطرة المافيات ومليشيات المنتفعين والمرتزقة، القدامى والجدد على هذا القطاع الحيوي؟
من الطبيعي ان تكون مشكلة تزويد المواطن بالمحروقات على اختلافها، وخصوصا البنزين، واعادة تأهيل الكهرباء، في سلم اولويات اهتمام الحكومة الجديدة، لعلاقتها بتحريك الدورة الاقتصادية كلها، والحياة اليومية للمواطن، ولانه لم يعد ممكنا التغاضي عن هذه المشكلة الملتهبة الموروثة، وتركها على حالها، كما في الوقت الراهن، بعدما باتت تنذر بتداعيات خطيره وغير محمودة، وتنعكس سلبا على قدرة وصدقية الحكومة الجديدة في القيام بالمهمات المطلوبة لضبط حال الفلتان، وحل هذه المشكلة التي باتت تؤرق معظم اللبنانيين وتسكن هواجسهم على مدار الساعة، وتستنزف أموالهم.
من المعلوم أن بعض اقطاب العهد والسلطة الحالية، المعروفين بصلتهم الوثيقة بوزارة النفط خصوصا، واستفاداتهم من شركات معروفة ومحددة، تركوا حال الفوضى بسوق النفط عمدا، ووضعوا المواطن تحت رحمة المافيات التي تتحكم بهذا القطاع من أوله، حتى كل الذين امتهنوا تجارة السوق السوداء حديثا، بالغالونات او الخزانات المخفية، وسمحوا لهم، التلاعب بالأسعار والسوق السوداء، و تركوا المواطن العادي، عرضة للاذلال والاهانة اليومية، والوقوف بالطوابير لساعات يوميا، للحصول على حاجته للتنقل
والعمل وشراء حاجياته الضرورية، دون حسيب او رقيب.
وكل ذلك كان مقصودا ومتعمدا، لنهب مزيد من الدعم المالي العام الذي يذهب إلى خزائن هذه الشركات وحماتها الرسميين والمحظيين،تهريبا شرعيا الى سوريا، بغطاء رسمي، او إلى الجيوب.والا لماذا جنّ جنون البعض منهم، لدى طرح حاكم مصرف لبنان رياض سلامة قرار رفع الدعم عن المحروقات كليا مؤخرا، وقامت قيامتهم عليه، وجندوا كل امكانياتهم وصلاحياتهم الدستورية لوقف هذا القرار، بحجة الحفاظ على مصلحة المواطن ظاهريا، وجيوبهم فعليا.
كان بامكان هؤلاء والحكومة السابقة، اتخاذ سلسلة اجراءات تحدُ من حال الفوضى، وتنظم توزيع المحروقات، لو ارادوا ذلك، تبدأ من تخصيص ايام للأرقام المفردة للسيارات، وايام للأرقام المزدوجة، او اعتماد التسجيل على المنصة الالكترونية، كما اتبع لمواجهة جائحة كورونا سابقا، او اعتماد نظام القسائم وغير ذلك من اجراءات تنظيمية، او ان يتم تخصيص كل مواطن بكميات محددة من البنزين اسبوعيا او شهريا. ولكن السلطة تركت المشكلة تتفاقم لغايات سياسية ضاغطة في خضم صراع تشكيل
الحكومة، والالغاء السياسي، والتفرد السلطوي والمنافع المادية الخاصة، وكان المواطن كالعادة، ضحية هذه المواجهة و عرضة للاستنزاف والاذلال المنظم، ودفع البلد الى مزيد من التدهور.
لذلك، فإن مشكلة المحروقات ككل، هي مشكلة ملتهبة، ماديا ومعنويا، ستكون اولى المشاكل الموروثة التي ستواجه وتتحدى الحكومة الجديدة، وهي لا تحتمل التأخير او التأجيل، لاي سبب كان، وتستوجب تسريع اتخاذ الاجراءات المنظمة قبل اي امر اخر، لتزويد المواطنين بالبنزين بسهولة، وإنهاء كل ممارسات الاحتكار والسوق السوداء. وهذا يوجب على الحكومة القيام بكل مايلزم لحلها، عبر رفع الدعم او تركه، او ترشيده ضمن الامكانيات المتوافرة، لانه لا يجوز بتاتا استمرار، هذا الوضع الشاذ والمذّل، ومواصلة مسلسل تعذيب الناس على محطات المحروقات والطرقات، على النحو الجاري حاليا،ل ان تفاعل هذه المشكلة الملتهبة، سيرهق انطلاقة الحكومة ويضعف سلطتها ويقلّص صدقيتها لدى الرأي العام، اذا بقيت الفوضى القائمة على حالها.