الإنفراجات التي شهدتها أسواق المحروقات منذ نهاية أيلول الفائت لم تلبث أن سقطت أمام “هشاشة” الآلية المعتمدة. المشكلة التي استجدت البارحة باقفال أغلبية المحطات، وعودة الطوابير للاصطفاف أمام القلة منها التي استمرت بالعمل، تعود إلى سببين جوهريين:
الأول، إزدواجية رفع الدعم، وعدم تحرير قطاع المحروقات من وصاية وزارة الطاقة. فمن جهة، أدى وجود الوزير وليد فياض خارج البلد إلى عدم إصدار جدول تركيب أسعار. فامتنعت الشركات عن التسليم وأقفلت المحطات أبوابها لتوقّعها ان يكون السعر الجديد أعلى بكثير، خصوصاً مع ارتفاع سعر الصرف المعتمد لتسعير البنزين على منصة صيرفة من حدود 12 ألف ليرة إلى 15500 ليرة، وارتفاع أسعار النفط عالمياً وتخطي سعر البرميل 80 دولاراً.
أما من الجهة الثانية فقد أدى رفع الدعم عن المازوت كلياً وتحديد سعر مبيعه الرسمي بـ 581 دولاراً للطن الواحد زائد عمولة النقل بـ 112 ألف ليرة إلى إفراغ المحطات مخزونها والامتناع عن استلام كميات جديدة قبل الاتفاق على السعر النهائي. وبحسب مصادر المحطات فان “تكلفة الطن عليهم 635 دولاراً، أي بفارق يتجاوز 50 دولاراً للطن الواحد، فيما كلفة النقل تحتسب أعلى بكثير من 112 ألف ليرة”. أما بالنسبة إلى البنزين فان تحرير سعره كلياً وربطه بسعر السوق الموازية سيجبرنا على بيعه بالدولار”، تقول المصادر، “إذ من غير الممكن تغيير الأسعار كل لحظة بلحظتها بحسب سعر الصرف، مع ما يشهده من تبدلات يومية تتجاوز أحياناً كثيرة الألف ليرة في الدولار الواحد”.
الثاني، استمرار مصرف لبنان كممول وحيد لعمليات الإستيراد بالدولار، والممسك الحصري لعملية فتح الاعتمادات. خطورة هذا الأمر لا تقف عند حدود استمرار المركزي باستنزاف ما تبقى من أموال المودعين، إنما بتحكمه بـ”رقبة” القطاع والعباد”، بحسب المصادر. فإن لم يسرع “المركزي” باعطاء الموافقات المسبقة للشركات المستوردة، وتسديد المتأخرات والمستحقات بانتظام ومن دون تأخير “ستعود الأزمة سريعاً رغم الارتفاع في الأسعار نتيجة النقص في الكميات”.
المصادر تخلص إلى أنه لا يوجد حل لمعضلة المحروقات إلا بتحرير الأسعار وفك ارتباطها بـ”الطاقة” ومصرف لبنان على حد سواء. ولتحدد عندها الحاجة الفعلية والمنافسة في الأسواق السعر الحقيقي للبنزين والمازوت من دون إذلال المواطنين.
من جهته طمأن ممثل موزعي المحروقات فادي أبو شقرا إلى أنه لا توجد أزمة، وأن اقفال المحطات عائد إلى عدم صدور جدول تركيب الأسعار. والأمور ستعود إلى طبيعتها فور صدور الجدول. كما أشار إلى أن الأسعار التي تتداولها منصات التواصل الاجتماعي المضخمة و(التي رفعت سعر الصفيحة إلى حدود 291 ألف ليرة) ليست صحيحة”.