تشهد أسعار النفط العالمية ارتفاعات متتالية لسعر البرميل، من 25 دولاراً، ارتفع الى 61 دولاراً، وهذا ما يبرّر فعلياً ارتفاع أسعار المحروقات أسبوعياً في لبنان. فكيف ستنعكس هذه الزيادات على أسعار المحروقات محلياً، والتي لا تزال مدعومة، وما الارتفاعات المتوقعة للمرحلة المقبلة؟
بعدما أدّى الجمود الاقتصادي العالمي الناجم عن جائحة كورونا الى تراجع سعر برميل النفط عالمياً بشكل ملحوظ، ترافق محلياً بتراجع سعر صفيحة البنزين الى حدود 20 الفاً، عاد سعر الصفيحة ليرتفع اليوم الى حدود الـ 30 الفاً، تزامناً مع ارتفاع سعر برميل النفط عالمياً الى 61 دولاراً. فهل من سقوف متوقعة لارتفاع النفط عالمياً؟ وهل من توقعات لارتفاع سعر الصفيحة محلياً؟
يستبعد الخبير النفطي جورج البراكس، ان يواصل سعر برميل النفط ارتفاعه في المرحلة المقبلة، طالما لا تزال جائحة كورونا منتشرة في العالم، وتزيد من سلالاتها، وطالما انّ الإنتاج العالمي لم يتعاف بعد، مرجّحاً ان يتراوح هامش تحرّك سعر برميل النفط عالمياً بين 5 الى 10 دولارات صعوداً او هبوطاً، لكن لا عودة الى سعر 45 دولاراً للبرميل.
على الصعيد المحلي، من المتوقع ان تواصل أسعار المحروقات ارتفاعها في الأسابيع المقبلة، الّا انّه من الصعب تقدير نسبة الزيادة، لأنّها ترتبط بسعر صرف الدولار في السوق السوداء أسبوعياً، الّا انّ التقديرات ترجح زيادة ما بين 300 و 500 ليرة.
وأكّد البراكس انّ خفض الدعم لا يزال مجرد اقتراحات، لأنّ كل الأطراف السياسية ترفض ان تحمل تبعات هكذا قرار. وأكّد انّ رفع الدعم كلياً عن المحروقات سيرفع سعر صفيحة البنزين الى 150 الفاً. ولا تنتهي تبعات هذا القرار هنا، اذ انّ رفع الدعم كلياً سيزيد من الطلب على الدولار في السوق السوداء، فتزيد أسعاره مقابل الليرة الى سقوف مفتوحة، لأنّ توجّه مستوردي المحروقات الى السوق السوداء سيرفع الطلب اليومي على الدولار بما بين 10 الى 12 مليون دولار. والسؤال المطروح، كيف ستتأمّن حاجة السوق؟
ورداً على سؤال أكّد البراكس، انّه اذا رُفع الدعم عن المحروقات ستُسعّر صفيحة البنزين نسبة الى سعر صرف الدولار في السوق السوداء. ووفق دراسة لأصحاب المحروقات، اذا رُفع الدعم كلياً عن البنزين (للاستعاضة عن الدعم بالبطاقة التمويلية) ووصل سعر الدولار في السوق السوداء الى 12 الفاً بالتوازي مع تسجيل سعر برميل النفط عالمياً 56 دولاراً، يصبح سعر صفيحة البنزين 120 الفاً. (مع العلم انّه برفع الدعم كلياً سيتخطّى سعر الدولار في السوق السوداء الـ12 الفاً).
من جهة أخرى، اعتبر البراكس انّ ارتفاع أسعار النفط عالمياً يأتي كنتيجة طبيعية لبدء انفتاح الاقتصاد الدولي، والعودة التدريجية للإنتاج الصناعي العالمي، أكان في أوروبا او الصين او اميركا، والذي أدّى الى ارتفاع الطلب على النفط، وبالتالي زيادة أسعاره. وتوقف البراكس عند 3 عوامل أساسية ساهمت في ارتفاع الطلب على النفط، علماً انّ جائحة كورونا لم تنتهِ بعد، لا بل عاد العالم الى الحذر في ظل ظهور سلالات جديدة من كورونا والعوامل هي:
– استعادة الصين لنشاطها الاقتصادي وعودتها للحياة الطبيعية وعملها على تلبية الحاجات الإنتاجية للعالم، بدليل تسجيلها نمواً بنسبة 6 % عام 2020.
– تحفيزات إدارة الرئيس الأميركي بايدن للتشجيع على انتاج النفط، خصوصاً في ولاية تكساس، وتشجيع المستثمرين للاستثمار في العقود النفطية.
– الاتفاق بين روسيا والسعودية على خفض الإنتاج في حدود المليون برميل.
التغذية بالكهرباء
في موازاة ارتفاع سعر برميل النفط عالمياً، هل تتأثر السلفة المالية المخصّصة للكهرباء، والتي لحظتها موازنة 2021 وحدّدتها بـ 1500 مليار ليرة؟
يقول الباحث في «الدولية للمعلومات» محمد شمس الدين لـ»الجمهورية»، انّ الموازنة أبقت على قيمة السلفة للكهرباء المعتمدة في السنوات السابقة، لافتاً الى انّ هذه القيمة لا تزال تُحتسب وفق سعر دولار 1500، ليرة لأنّها مدعومة من قِبل مصرف لبنان. ورأى انّ هذه السلفة تكفي لأننا لم نستعمل من سلفة العام الماضي سوى 700 مليون دولار، ولا يزال لدينا منها حوالى 300 مليون دولار، ستُضاف الى سلفة هذا العام، ما يعني انّه لن يكون لدينا نقص في تمويل الكهرباء، خصوصاً اذا أضفنا الى هذه الاموال، الاتفاق الذي تمّ أخيراً مع العراق، والذي وعد بإعطاء لبنان حوالى 500 الف طن من الفيول، على ان ندفع ثمنها لاحقاً. وتؤكّد هذه الوقائع اننا لسنا امام أزمة تمويل للكهرباء.