Site icon IMLebanon

فيول «مضروب» يعطّل معامل الكهرباء

 

 

باخرتا الكهرباء ومعمل الزوق الجديد شبه متوقفة عن العمل، في حين أن معمل الجية الجديد متوقف تماماً. منذ نحو أسبوع، انخفض إنتاجها بشكل قياسي. الباخرتان اقتصر إنتاجهما على 28 ميغاواط من أصل نحو 400 ميغاواط، فيما تراجع إنتاج الزوق من 194 ميغاواط إلى 36 ميغاواط، وأطفئ معمل الجية تماماً (٧٨ ميغاواط). هذا يعني أن الإنتاج في هذه المنشآت انخفض من 652 ميغاواط إلى 64 ميغاواط فقط، أي ما يقل عن 10 في المئة القدرة الإجمالية.

 

يعود هذا التراجع الكبير إلى عدم توفّر الفيول الصالح للاستعمال، إذ تبيّن أن الشحنة الأخيرة من الفيول الخاص بتشغيل المحركات في المعملين والباخرتين (Reciprocating Engine Power Plants) غير مطابقة للمواصفات.

بحسب دفتر شروط العقد مع شركة «سوناطراك»، يُفترض أن لا تزيد الترسّبات النفطية (Potential Total Sediment) عن 0.1 في المئة، لكن تبيّن بنتيجة فحص عينة من الشحنة الأخيرة أن النسبة تفوق 4 في المئة، وهي نسبة كفيلة، لو استعمل الفيول، بالإضرار بالمولّدات، وربما إتلافها. حاولت «سونطراك» بداية التملص من الأمر، مشكّكة في نتيجة الفحص الذي أجرته شركة Bureau Veritas (مكتب دبي) المسؤولة عن مراقبة الجودة والمتعاقدة مع شركة «كارادينز» (صاحبة البواخر) وشركة Middle East Power المشغّلة لمعملَي الجية والزوق. لكن، بعد إعادتها للفحص بنفسها، أيّدت صحة ما توصلت إليه النتائج اللبنانية. اللافت أن شركة المراقبة نفسها (فرع آخر) سبق أن دقّقت في محتوى الشحنة قبل تحميلها على البواخر، لكنّ أحداً لا يملك تفسيراً للسبب في اختلاف مضمون التقرير بين التعبئة والتفريغ! وهنا تجدر الإشارة إلى أنه بالرغم من أن الاتفاق مع «سونطراك» (شركة النفط الوطنية في الجزائر) قد أجري من دولة لدولة، إلا أن شركة ZR التي تعود ملكيتها إلى آل رحمة هي التي تستقدم البواخر بشكل مستمر، ومن مصادر مختلفة (ليست كلها من الجزائر). ينتهي التبرير عند المعنيين في وزارة الطاقة في الإشارة إلى أن لا وجود لأي علاقة تعاقدية بين الدولة اللبنانية وZR، بل إن الشركة الجزائرية هي التي جعلت منها وسيطاً لها.

 

تراجع الإنتاج في الجية والزوق والباخرتين 90 في المئة

 

 

بالنتيجة، وإلى حين وصول شحنة أخرى (صارت في البحر اللبناني وأُخذت منها العيّنات لفحصها)، فإن هذه المعامل ستبقى متوقّفة عن العمل، وهي كذلك منذ نحو أسبوعين. لكن من يعوّض هذا الضرر؟ ومن يحاسب سونطراك على توقف المعامل الأكثر كفاءة والأقل استهلاكاً للفيول؟ وهل يكفي استبدال الشحنة غير المطابقة بأخرى مطابقة؟ ثمة من العاملين في القطاع من يدعو وزارة الطاقة إلى الطلب من «سونطراك» أن تعوّض على لبنان بأن تهب تلك الشحنة إلى المؤسسة لتتم الاستفادة منها في المعامل القديمة، على أن تعود وتستقدم شحنة جديدة مطابقة للمواصفات. من يقترح ذلك يعتبر أن الشركة تكون تحمّلت مسؤولية خطئها من دون أن تتكفل أكلافاً باهظة، خاصة أن إعادة سحب الفيول من الخزانات إلى الباخرة ثم إعادة الشحنة إلى حيث انطلقت، ستكلفانها نحو مليون دولار. ذلك اقتراح، لكن اقتراحات أخرى تدعو لعقاب أكثر تشدداً تطرح بما يؤدي إلى منع تكرار هذه الأزمة.

لم يُتخذ القرار الرسمي بشأن كيفية التعامل مع الحادثة، لكن بغضّ النظر عن طريقة التعويض، إلا أنه يُفترض أن يكون بديهياً. وقد أكدت عليه مؤسسة كهرباء لبنان، التي أرسلت ما بين 26 شباط و2 نيسان سبعة كتب إلى مديرية النفط في وزارة الطاقة، تتحفظ فيها على كل التبعات الإدارية والمالية الناتجة عن إرسال شحنة غير مطابقة، وتعلن عدم تحمّلها أي تكاليف تترتب على هذه الشحنات.

اللافت، بحسب مصادر عاملة في القطاع أن هذه الشحنة ليست الأولى من نوعها. القيّمون على المعامل والبواخر يعيشون معاناة يومية في التعامل مع الفيول المستورد، الذي يأتي بأغلبه «مضروباً» ومخالفاً للمواصفات المطلوبة (يتم الاعتماد على 14 معياراً لتقييم جودة المادة النفطية المستوردة). لكن في الغالب يتم تخطي الأمر، إما بحجة أن الاختلاف في الجودة ليس كبيراً، وإما لعدم القدرة على تخفيض الإنتاج. في الباخرتين التركيتين، تزيد القدرة على تصفية الفيول بالمقارنة مع المعامل، لكن ذلك يبقى مرتبطاً بمدى رداءة المنتج. الأمر نسبي وتحمّل الضرر نسبي أيضاً. والأمر يعود في النهاية إلى المشغّل، الذي لا يمكنه أن يخاطر بالإضرار بالمعامل.

منذ شهرين وصلت باخرة تحتوي على فيول رديء، وفي الصيف أيضاً أصرّت «كهرباء لبنان» على استعمال فيول، سبق أن فحصه المشغّل ورفضه، لأن الطلب على الطاقة كان مرتفعاً، وكان يصعب إطفاء أيّ من المعامل.

من يتحمّل المسؤولية؟ ولماذا لا تضع وزارة الطاقة حداً لتمادي الشركة المستوردة، إن كانت سونطراك أو ZR، في عدم احترام بنود العقد المُوقّع مع الجزائر؟ ولماذا لا تكون هنالك إجراءات قاسية في حقها، كي لا يتكرر الاستهتار بحق لبنان بالحصول على الفيول الذي يدفع ثمنه؟