لن تسمح إسرائيل للفلسطينيين باداء صلاة الجمعة في المسجد الأقصى لا اليوم ولا في الايام المقبلة، فقد قررت اقفال الحرم الى اجل غير مسمى وذلك بعد تصاعد اعمال العنف بصورة عامة في القدس الشرقية، وتزايد الاحتكاكات بين اليهود المطالبين بالسماح لهم بالصلاة في الحرم والفلسطينيين المعارضين لذلك لانهم يعتبرونه خرقاً للوضع القائم في المسجد الاقصى منذ احتلال إسرائيل القدس الشرقية عام 1967.
في الصراع على المسجد الأقصى يمتزج العامل الديني بالعامل القومي. فبالنسبة الى اليهود، الحرم القدسي هو المكان الذي كان يقوم عليه الهيكل الثالث الذي دمره الامبراطور الروماني أدريان سنة 135 للميلاد، وان حائط البراق، أو حائط المبكى بحسب التسمية اليهودية هو ما تبقى من هذا الهيكل بعد تدميره، والذي تحول بعد الاحتلال الإسرائيلي للقدس مكانا يحج اليه اليهود من كل اصقاع الأرض، وأن من واجب كل مؤمن يهودي العمل على استعادة السيادة اليهودية على الحرم. اما بالنسبة الى المسلمين، فإن لهذه التحركات هدفا واحدا هو الاعتداء على المقدسات الإسلامية.
لم يمنع وضع الحكومة الإسرائيلية المسجد الأقصى تحت رعاية الأردن والأوقاف الإسلامية من نشوء جمعيات دينية يهودية عملت في الماضي ولا تزال تعمل اليوم على تقويض هذا الترتيب والسماح لليهود ليس فقط بزيارة الحرم كما هو حاصل اليوم، بل بالصلاة هناك في أوقات مختلفة عن أوقات صلاة المسلمين. وقد شهدت فترة الاعياد اليهودية الاخيرة زيادة ملحوظة في اعداد الزائرين اليهود للحرم تزامنت مع ارتفاع الاصوات المطالبة داخل الكنيست بسن قانون يغير وضع الحرم الشريف ويسمح لليهود بالصلاة فيه.
والسؤال الذي يطرح نفسه اليوم ما سبب تصعيد الحركات اليهودية المتشددة مطالباتها بتغيير الوضع في الحرم والسماح لليهود بالصلاة في الأقصى في هذه الظروف بالذات؟ ومن يخدم في نهاية المطاف تاجيج الصراع على المسجد الأقصى، خصوصا ان هذا ياتي في خضم احتجاج شعبي يتخذ احياناً طابعاً عنفياً يخوضه سكان القدس الشرقية ضد تغلغل المستوطنين اليهود في احيائهم واستغلالهم الضائقة الاقتصادية التي يعانونها لشراء اراضيهم، وضد سياسات الاهمال والتضييق والتمييز التي تمارسها السلطات الإسرائيلية في حقهم. ومن هنا ان مطالبة اليهود بتغيير الوضع القائم في الحرم هو بمثابة صب الزيت على النار.
تعتقد التيارات اليهودية المتشددة ان في امكانها استغلال الاضطرابات في المنطقة لفرض وقائع جديدة على الارض تخدم مصالحها وتضمن لها المزيد من السيطرة على القدس الشرقية، الا انها لا تدرك انها بذلك تدفع الاوضاع الى حافة الانفجار.