استكمالاً لمقالي الذي نشر يوم الاثنين الماضي، وحمل عنوان «لبنان دائرة انتخابية واحدة، هل يفجّر التحالفات؟» أدخل في مقالي اليوم بتسليط الضوء على عدد من الاسئلة والتساؤلات التي لا يتداولها الاعلام فحسب، بل ايضاً كثر من المواطنين الذين شاركوا في الانتخابات الماضية وفق النظام النسبي معدّلاً، والذين امتنعوا، امّا قرفاً من الاوضاع السياسية القائمة، وامّا لأنهم لم يستوعبوا تماماً آلية هذا النظام وخلفياته، مع انه نسبة الى النظام النسبي الذي طرحته كتلة التنمية والتحرير (حركة أمل) وتحاول تسويقه لدى الاحزاب والكتل النيابية.
وفق «أباء» هذا النظام، أنه في الدرجة الاولى يجب ان يقوم على تحالف بين الاحزاب المسيحية والاحزاب الاسلامية، ليعطي النظام مداه الوطني، ويخرج بنتيجة حتمية، هي قيام اكثرية واقلية، ولكن هؤلاء «الاباء» لم يتحسّبوا لامكانية قيام تحالفات طائفية، قادرة على فرض ما يُسمّى «بالديموقراطية العددية» ولأن المسلمين في لبنان هم الاكثر عدداً، سيمسكون بالحكم كاملاً ولو عن طريق الديموقراطية بالتحالف مع 64 مسيحياً، لا يمثلّون المسيحيين شعبياً ولا عددياً، كما ان هناك حالة اخرى لم تخطر على بال «أباء» النظام النسبي، كمثل ان يتحالف التيار الوطني الحر مع تيار المستقبل، وليس هناك امكانية لأن يتحالف حزب الله وحركة أمل وحلفائهما مع احزاب القوات اللبنانية والكتائب والوطنيين الاحرار والكتلة الوطنية، فكيف يمكن مواجهة هذه الحالة، علماً بأن هذا النوع من التحالفات يجب ان يكون بين احزاب وتيارات عابرة للطوائف والمذاهب والمناطق، فأين هي الاحزاب ومن هي هذه التيارات؟!
العقبة الرابعة في هذا النظام، هي في اعطاء افضلية النجاح لمرشحين منذ البداية، بترتيب الاسماء من واحد الى 128 مرشحاً، وهذا الوضع يصحّ في اللوائح الحزبية، ولكنه قطعاً لا يصحّ في اللوائح المشتركة التي قد يدخلها مستقلّون، أو مرشحون من احزاب ضعيفة التمثيل، خصوصاً في غياب الصوت التفضيلي، واللوائح المؤلفة من 128 مرشحاً هي لوائح معلّبة وغير ديموقراطية، وتصحّ في دول قائمة على الصراع الحزبي، وليس في دولة متعددة الطوائف والمذاهب مثل لبنان، والاحزاب فيها ضعيفة نسبياً، كما انها عدوّة المتقدمين في السن وغير المتعلّمين، ونائب عكار مثلاً لا يعني شيئاً لابن الجنوب، والعكس بالعكس.
****
يبقى امران، يستحسن التوقف عندهما، اولاً، لماذا التفتيش عن الشمس في منتصف النهار، وطالما أن الدستور اللبناني قد أوجد الحلّ لموضوع التمثيل النيابي، فقال بمجلس شيوخ طائفي، وبمجلس نيابي خارج القيد الطائفي، ما الهدف اذن وما الفائدة من تقديم طروحات خلافية، قد تجرّ البلاد الى نزاعات وربما الى حروب نحن بغنى عنها، خصوصاً ان تجربة النسبية لم تكن مشجعة ابداً، فاكثر من نصف اللبنانيين لم يشاركوا في الانتخابات، وهناك مرشحون فازوا ببضع عشرات او مئات من الاصوات، وهناك مرشحون حازوا على ثقة الوف المواطنين، ولم ينجحوا، وانتصر عليهم من حاز على عشرات او مئات الاصوات.
انا اعتقد ـ وهذا أمر للنقاش والحوار ـ ان نظام «صوت واحد لمرشح واحد» هو الافضل لدولة مثل لبنان.