اثبتت استحالة التوافق على قانون جديد للانتخابات، بعد مرور 12 سنة على خروج الجيش السوري من لبنان، ان هناك ثابتتين لا يمكن تجاوزهما في التفتيش عن قانون جديد في لبنان، الذي يعيش نظاماً طائفياً شبه كامل، الثابتة الاولى ان اجـراء الانتخابات ولبنان دائرة انتخابية واحدة وضمن النظام النسبي، معناها فرض الديموقراطية العددية على لبـنان، والغاء المادة 24 من الدستور وخصوصاً البند «أ» منـها التي تنص على ان المقاعد النيابية توزع بالتساوي بين المسيحيين والمسلمين، بما يعني استحالة قبول النسبية الـكاملة من قبل المسيحيين، قبل الغاء الطائفية السياسية وطائفية القوانين وفي شكل خاص قانون الاحوال الشخصية، وتحويل لبـنان الى دولة مدنية علمانية مؤمنة، ولذلك فان تمسك حزب الله وحلفاؤه بالنسبية الكاملة، هو طرح ترفضه ليس الاكثرية الساحقة من المسيحيين فحسب، بل ترفضه ايضاً اكثرية الموحــدين الدروز واكثرية اهل السنة، حتى ان مبدأ النظام النسبي على دوائر انتخابية، لا يعطى نتيجة عادلة ومتــوازنة بين مختلف الطوائف والمذاهب، حتى ولو تخلى حزب الله عن سلاحه.
الثابتة الثانية، التي اظهرت الاحداث التي رافقت وترافق الانتخابات النيابية، وتشكيل الحكومات وانتخاب رئيس للجمهورية، والتفتيش عن قانون صالح لرعاية الفسيفساء الطائفية في لبنان، هي القانون «الارثوذكسي» القائم على النظام النسبي ولبنان دائرة انتخابية واحدة او دوائرة كبيرة موسعة، لانه الوحيد الذي لا يظلم طائفة او مذهباً، ويمكن ان يكون اذا صفت النيات المدخل لتحقيق النسبية والتعود عليها اولاً، وقد تكون المدخل ايضاً الى بحث جدي في تطبيق كامل بنود اتفاق الطائف وفي مقدمها مجلس نيابي خارج القيد الطائفي ومجلس شيوخ طائفي او النحو باتجاه تحقيق لبنان المدني والعلماني البعيد تماماً عن اي نصوص طائفية ومذهبية.
***
الكلّ اليوم يشعر بخطورة الاوضاع في لبنان، الاجتماعية منها والاقتصادية والامنية، وفي شكل أخص المالية بعد ارتفاع الدين العام الى 80 مليار دولار، والآتي اعظم، اذ يحذر خبراء ماليون ان لبنان قد ينهار قبل ان يسعفه استخراج النفط والغاز، الذي لن يعطي مردوداً قبل العام 2022، وبالتالي اذا لم يعد لبنان الى الحياة الطبيعية، وبوجود ادارة عامة بعيدة من الفساد والهدر سينهار في وقت قريـب ومع شعور الجميع بخطورة الوضع، الا ان الشعب والمراقبــين لا يلمسون جدية، لا في مجلـــــس النواب او في الحكومة، ولا عند بعض القيادات السياسية، بل تطغى عند هؤلاء رغبة الكيد والهيمنة ورفض المحـق والمعقول، والتمسك بمكاسب ليست من حقهم ولا هي من نصيبهم، وفي الوقت ذاته يحاضرون بالعفة.
الحسنة الوحيدة للفراغ في مجلس النواب، اذا حصل، ســتكون بالتخلص من هذا المجلس الفاشل بجميع المقاييس، حتى ولو ذهب بالجملة بعض النواب الصالحين، بجريرة من لم يستحقوا تعويضاتهم، وكانوا عبئاً على الوطن والمواطنين.