Site icon IMLebanon

الرواية الكاملة لتعامُل «القوّات» مع أحداث القاع

كثرَت الأصوات المندّدة بظهور النائب أنطوان زهرا بالأسلحة في منطقة القاع المنكوبة. وتعالت أصوات الاتّهامات الموجّهة إلى حزب «القوات اللبنانية» بإعادة صورة «الميليشيا»، على رغم مشهدية صوَر الانتحاريين الثمانية، الذين فجّروا أنفسَهم في القاع وأودوا بحياة 5 شهداء و28 جريحاً.

بين مؤيّد لهذه الخطوة واعتبارها ضرورية للدفاع عن القاع، ومعارضٍ يَعتبر أنّ هذا السلاح متفلّت واستُعمل بهدف تعزيز فكرة الأمن الذاتي، توضح مصادر قواتية لـ«الجمهورية»، أنّ «السلاح رافقَ أهالي القاع، واستُعمل ضدّ الإرهابيين إلى حين وصول الجيش إلى البلدة وتدارك الوضع، وحمل الأهالي أسلحتَهم مجدّداً لمؤازرة الجيش اللبناني والدفاع عن أنفسِهم بالتنسيق معه، وعندما طلِب منهم عدم الظهور المسلّح، امتثلوا».

لكن ما الهدف من حضور نائب «القوات» البتروني أنطوان زهرا إلى القاع وظهورِه بالسلاح إلى جانب الأهالي، تقول المصادر: «على أثر سلسلة الانفجارات التي ضَربت القاع، بدأت معراب مباشرةً الاتصالات مع المعنيين في البلدة، وطلِب مِن نوّاب «القوات» التضامن مع أهالي القاع، وذلك قبل أن يعلن الدكتور سمير جعجع موقفَ الحزب من الحادثة. وفي هذه الأثناء وصل زهرا إلى البلدة قرابة الأولى ظهراً، وجلس مع الأهالي واستقبل المسؤولين.

وتكشف المصادر أنّ «القيادة القواتية لم تصدِر أيّ قرار مركزي يُلزم زهرا بالتوجّه إلى القاع أو بالبقاء هذه المدّة، ولكنّه ترجَم نضاله في وقفته هذه»، مضيفة: «غالباً ما يتساءل الشعب عند وقوع المشاكل «وينُن نوّابنا»؟ وبالنسبة إلى «القوات» فإنّها تُسقِط كلّ الاعتبارات والألقاب عند الضرورة وتتحوّل إلى حالة نضال، وهذا ما أكّده حضور زهرا في القاع، قبل أن يتحدث جعجع ويدليَ بموقفه.

بعد الوقوف ساعات النهار إلى جنب أهالي الشهداء، توجَّه زهرا التاسعة ليلاً إلى رأس بعلبك حيث زار أحد الأصدقاء، وما لبث أن عاد إلى القاع مجدّداً بعد تجَدّد التفجيرات. وعند انقطاع التيار الكهربائي، تواصَل زهرا مع معراب طالباً معالجة الموضوع، فتمّ الاتصال بوزير الطاقة أرتور نظريان الذي أعاد الكهرباء ومنعَ انقطاعها».

وتلفت المصادر إلى أنّ «وجود مسؤول مع الأهالي طمأنَهم، لأنّ المواطن العادي لا يمكنه الاتصال بالوزراء والمسؤولين، وزهرا كان بخدمتِهم ويتواصل مع المعنيّين».

يعيش أهالي البقاع في دوّامة قلق مستمرّة، وهم دائماً في حالة استنفار لحماية بيوتهم، ولعلّ يقظة الأهالي هي التي خفّفت عددَ الضحايا.

إلى ذلك، تشير المصادر إلى أنّ «الجيش طلبَ مِن أهالي القاع حملَ السلاح والسهرَ معهم، واتّجَه بعض الأهالي إلى التلال للكشف على المنطقة وبالتنسيق معه.

وبعد انتشار صوَر الأهالي المسلّحين على مواقع التواصل الاجتماعي، اتّصَل الآلاف من القواتيين وغير القواتيين بمسؤول «القوات» جورج مطر، يطلبون منه التوجّه إلى القاع لمساعدة أهلها، فجزَم مطر قائلاً: «لا حاجة لذلك، فنحن لسنا بحرب، نحن بألف خير».

وتشير المصادر إلى أنّ «زهرا بقيَ في القاع حتّى الساعة الرابعة صباحاً، ولم يحمل السلاحَ لكي يعتمد على مبدأ الامن الذاتي، بل على عكس ما اعتبره البعض، فهو فعلَ ذلك لمساعدة أهله»، مشيرة إلى أنّ «القوات» جزء من قضية القاع، ولو كان هناك قرارٌ من «القوات» بالاتّجاه نحو الأمن الذاتي، لكانت القاع امتلأت بآلاف الحزبيين من كلّ المناطق اللبنانية، ولو أنّ رئيس بلدية القاع بشير مطر لم يستعمل سلاحَه في وجه الانتحاري لكانَ الآن شهيداً». وتتساءل: «هل السلاح الذي حمله أنطوان زهرا، وجورج مطر ومراد فرج ورفاقهم منَع الجيش من التدخّل؟».

وردّاً على الاتّهامات التي سيقَت ضد «القوات» بأنّ الظهور المسلّح هو ظهور ميليشيويّ هدفُه إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، تجزم المصادر بأنّ «هذا القول مرفوض جملةً وتفصيلاً، كون السلاح الفردي ظهرَ قبلَ تدخّلِ القوى الأمنية، وكانت هناك حاجة ماسّة لظهوره تجاه عدوّ غاصِب مجرم وقاتِل، فالدفاع عن الأعراض والبيوت حقٌّ مشروع كرّسته الدساتير والشرائع».

من جهةٍ أخرى، كان جعجع قد اتّصَل إثر التفجيرات بعددٍ من المسؤولين الأمنيين لاستيضاح الأمور الحاصلة، طالباً التحرّكَ السريع، واضعاً إمكانات «القوات اللبنانية» البشَرية في تصرّفهم إذا لزمَ الأمر، وتحت إمرتِهم.

وتؤكد المصادر أنّ «القوات» تقوم بالاتصالات اللازمة مع القادة السياسيين والعسكريين لحماية المناطق الحدودية المسيحية من أعمال القتل والتفجيرات، وأنّها تضعُ كلَّ إمكاناتها البشرية في تصرّف الدولة وتتدخّل تِبعاً لأوامرها إذا دعت الحاجة، وذلك عبر أبناء القرى والبلدات التي شهدت أحداثاً، كما في القاع، ومن خلال دفعِ مجموعات بشرية من مختلف المناطق اللبنانية، وهذا ليس غريباً على «القوات»، فقد قاتلَ أبناء الشمال وجبل لبنان وبيروت في كلّ المناطق اللبنانية حين طلِب منهم ذلك، حفاظاً على قدسية أرضهم،» مشيرة إلى أنّ «القوات»، ليست من هواة الحرب للحرب، والحزبُ اليوم أقوى بعشرات المرّات على المستوى السياسي مِن زمن الحرب والسلاح، لذا، نقول لجميع المتحاملين على «القوات» ودورها: «لا أحد يكون في القمّة ويعاود الاتّجاه نحو الهاوية، ولكن عندما يهدّدنا الموت، والقوات الشرعية لم تتدخّل بعد، أو هناك نقص في إمكاناتها البشرية، فـ»القوات اللبنانية» موجودة».