من هو الأكثر سعادة خوسيه موهيكا الذي يملك سيارة فولكسفاغن خنفساء من طراز ١٩٨٧، أم الثري العربي الذي يعرض شراء هذه السيارة الخردة بمبلغ مليون دولار اميركي؟
موهيكا هو الأسعد، ليس لأنه يتولى رئاسة الأوروغواي منذ عام ٢٠١٠، بل لأنه يملك فلسفة في الحياة توفّر له السعادة الحقيقية اكثر بكثير من سعادة الثري الذي يعرض دفع مليون دولار، ليس ثمناً للخنفساء المنهكة بل لمجرد أنها ملك رجل يحمل اسم “افقر رئيس في العالم”، لكن موهيكا ينزعج ليس من وصفه بالفقير بل من فهم الناس لمعنى الفقر.
هذا رئيس يرى في الفقر الذي نتعارف عليه وجهاً من وجوه السعادة والثراء. ليس الموضوع موضوع قناعة والقناعة كنز لا يفنى. للأمر عند موهيكا معنى مختلف، فعندما ذهبت اليه وكالة “إيفي” الاسبانية مستطلعة فهمه لمعنى الفقر بعدما ذاع عنه أنه افقر رئيس في العالم، قال لها ما يمكن ان يشكل سرّه او بالأحرى فلسفته، التي قد تبدو متعبة لا تحتمل بينما تبدو له قمة الراحة والرضى:
“انا اذا كرّست نفسي لجمع ثروة فسوف أفقد الكثير من الوقت للعناية بكل ذلك المال بعد ذلك، وقد يفرض هذا عليّ تخصيص جلّ حياتي لمعرفة كيف سأنفق هذه الثروة، وما اذا كنت سأخسر او سأربح المال”. محطة “سي ان ان” ذهبت معه بعيداً في النقاش حول “متعة ان تكون فقيراً”، فاعترض معتبراً ان المتعة هي ان تكون راضياً عن نفسك ومكتفياً “انا لست فقيراً، الفقراء هم الذين يعوزهم الكثير للعيش، اولئك هم الفقراء حقاً، انا لديّ ما يكفي”!
وماذا لدى موهيكا ؟
لديه راتب قيمته ١٢٠٠٠ الف دولار في الشهر، يأخذ منه العُشر أي ١٢٠٠ دولار ويخصص الباقي لخطة اطلقها بعد انتخابه رئيساً اسمها “خونتوس” تعمل لبناء مساكن للمعدمين وتقديم العون للمعوزين، وعندما ذهب الى الصين العام الماضي قال لوكالة “شينخوا” انه يعيش في منزل متواضع ويستمتع بما تطهو زوجته من المأكل وانه عاش سنوات طويلة حافلة بالسعادة [ 79 عاماً].
“كنت مقاتلاً من اجل الشعب وأُدخلت السجن ١2 عاماً، [1973 – 1985]. لقد استمتعت ببيع الزهور وقد اعود الى هذا بعد انتهاء ولايتي، فأنا انسان متقشف وبسيط أسير من دون امتعة كثيرة، فقط ما احتاج اليه، وأكافح من اجل الحرية والحرية تعني ان يكون لدي الوقت للقيام بما ارغب”!
موهيكا الذي رفض عرضاً من سفير المكسيك بمقايضة خنفسائه الزرقاء بعشر شاحنات رباعية الدفع، يفكر في عرض المليون دولار، لكن ليبني الكثير من المساكن للمعدمين كما أعلن… يقولون عنه في الاوروغواي انه قديس… أنا اقول انه فيلسوف.