بعد مرور أقل من عقد على المواجهة العسكرية الاخيرة الواسعة النطاق بين “حزب الله” وإسرائيل، وفي ظل التغيرات المتسارعة التي طرات في السنوات الاربع الاخيرة على المنطقة، وخصوصاً التورط العسكري للحزب في الحرب السورية، وتوصل إيران والدول العظمى الى اتفاق يحل مشكلة البرنامج النووي الإيراني، ويفتح صفحة جديدة في تاريخ العلاقات الديبلوماسية لطهران ويعيدها الى حضن المجتمع الدولي، ثمة سؤال أساسي: هل هذه التغيرات الاقليمية تقرّب المواجهة العسكرية المقبلة بين “حزب الله” وإسرائيل أم انها على العكس تبعدها؟
من المنظور الإسرائيلي، يسود تقدير ان تورط “حزب الله” في القتال في سوريا ودفعه باكثر من 8000 مقاتل الى الساحة السورية، والخسائر البشرية الكبيرة التي تكبدها، تجعل الحزب لا يرغب في التورط في حرب أخرى وفتح جبهة جنوب لبنان ضد إسرائيل. لكن هذا التقدير لم يمنع الجيش الإسرائيلي من الاستمرار في الاستعداد للمواجهة المقبلة ورسم سيناريوات عدة لها تستند الى دروس حرب تموز 2006 ضد لبنان، والمواجهات العسكرية ضد حركة “حماس” خلال تلك الفترة (عمليات “الرصاص المصهور” 2008، و”عمود السحاب 2012″ و”الجرف الصامد” 2014).
وفي سياق استعدادات الجيش الإسرائيلي للحرب المقبلة مع الحزب، هناك احتمال اقدام الحزب على عملية توغل بري مفاجىء داخل الاراضي الإسرائيلية من خلال شبكة انفاق تمر تحت الخط الأزرق ورفع علم الحزب لوقت ما عليها مما يشكل انجازاً رمزياً لا يستهان به قبل الانسحاب منها؛ وهناك ايضاَ لجوء الحزب الى استخدام طائرات من دون طيار؛ والقصف الصاروخي المكثف للمدن الكبرى ومراكز استراتيجية حساسة من أجل تعطيل الحياة الطبيعية ونشر الفوضى والذعر؛ واحتمال فتح جبهة ثانية في الجولان، وربما في غزة أيضاً.
لكن هذه الاستعدادت الإسرائيلية والحديث الدائم عن تحول “حزب الله” القوة العسكرية الأساسية المعادية لإسرائيل في المنطقة وخصوصاً بعد تفكك الجيشين السوري والعراقي، لا تحجب حقيقة أساسية أخرى هي أنه من الواضح اليوم أكثر من أي وقت مضى أن أي مواجهة مستقبلية بين الحزب وإسرائيل لا يمكن ان تأتي خارج استراتيجية إيرانية حيال إسرائيل.
تراهن إدارة أوباما على ان الاتفاق مع إيران بداية مرحلة جديدة تصالحية ستنعكس ايجاباً على مواقف طهران من المنطقة باسرها وبما فيها إسرائيل. بينما تعتقد حكومة نتنياهو العكس تماماً وان الاتفاق سيقرب خطر المواجهة الإيرانية – الإسرائيلية.
والتخوف من ان تلجأ إسرائيل الى افتعال مواجهة عسكرية مع “حزب الله” كي تصفي حساباتها مع إيران.