الجلسة العاشرة في عين التينة لم تشهد تحوّلات على إيقاع التصعيد المتبادل
«المستقبل» و«حزب الله» مقتنعان باستمرار الحوار لإبقاء الشارع تحت السيطرة
تتزايد المخاوف، بعد كل موجة تصعيد، على الحوار الجاري بين «تيار المستقبل» و«حزب الله»، وتكثر معها الأسئلة عن جدوى استمرار هذا الحوار وماذا يمكن أن يخرج به، في وقت يتراشق الطرفان المتحاوران بكل أنواع الأسلحة «التقليدية» و«غير التقليدية»، ثم يعودان إلى الطاولة في «عين التينة» ليطلعا على اللبنانيين بعبارات إنشائية مكررة بعد كل اجتماع، لمجرد القول إن هناك اجتماعات حوارية تعقد وللإبقاء على خيط رفيع، تجنباً للوصول إلى الحائط المسدود ونعي الحوار، باعتبار أنه باتت هناك شبه قناعة بأن جلسات «المستقبل» و«حزب الله» لن تقود إلى شيء، وستبقى أسيرة المواقف التصعيدية للطرفين من أزمات المنطقة، وآخرها الصراع الدموي في اليمن وما تركه من تداعيات بالغة الخطورة على صعيد العلاقات بين «المستقبل» و«حزب الله»، بعد التراشق الإعلامي الحاد بين الرئيس سعد الحريري والسيد حسن نصر الله.
والسؤال الذي يُطرح: ماذا بقي من هذا الحوار وهل أن الطرفين ما زالا مقتنعين بجدواه بعد كل الذي حصل؟ ترد أوساط نيابية بارزة في «تيار المستقبل» بالقول لـ «اللواء»، إن التصعيد من الأزمة اليمنية افتعله الأمين العام لـ «حزب الله» عندما تهجم على المملكة العربية السعودية، فجاءه الرد من الرئيس الحريري الذي لا يمكن أن يسكت عن أي إهانة ضد المملكة التي وقفت منذ عقود إلى جانب لبنان وشعبه، فكيف يمكن أن نقابل وفاءها بالجحود ونكران الجميل؟ وإذا كان «حزب الله» اعتاد أن ينظر إلى الأمور بعين واحدة لا ترى إلا مصلحته، فإن «تيار المستقبل» لا يمكن أن ينظر إلى الأمور إلا بعينيه الاثنتين ليراها على حقيقتها ولا يقابل الوفاء بالنكران، وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على أن اللبنانيين لا يمكن أن ينسوا ما قدمته المملكة العربية السعودية، ملكاً وحكومة وشعباً للبنان في أوقات الحرب والسلم ولن يقفوا مكتوفي الأيدي أمام محاولات التعرض للمملكة والإساءة إليها.
وشددت الأوساط في المقابل، على أن «تيار المستقبل» أقبل بكل صدق ونوايا طيبة على الحوار مع «حزب الله» لحماية الاستقرار الداخلي وتعزيز السلم الأهلي ونزع فتائل التفجير المذهبية ولسحب التوتر من الشارع، واضعاً الملفات الخلافية مع «حزب الله»، من المحكمة إلى الصراع في سوريا إلى السلاح جانباً، إلى أن يحين الوقت المناسب لاحقاً لإعادة طرحها، باعتبار أن الهاجس الأمني يتقدم على ما عداه، وبالتالي لا بد من تهدئة المناخات الداخلية وطمأنة الناس، في ظل الظروف الصعبة التي تعيشها، بأن لا عودة إلى العنف حتى لو استمر الخلاف السياسي قائماً، مشيرة إلى أن «المستقبل» و«حزب الله» حريصان رغم كل ما جرى من تصعيد كلامي على استمرار الحوار بينهما حتى لو لم يحرز تقدماً جوهرياً، لكن لا يمكن تجاهل الآثار النفسية الإيجابية التي تركها من الناحية الأمنية، سيما وأن الموضوع الأمني يشكل تحدياً أساسياً لدى جميع القوى السياسية، بحيث أن الجهود منصبة لدى المتحاورين على تفادي أي انزلاق نحو توترات مذهبية أو طائفية، لأن مخاطرها كبيرة جداً على الوضع الأمني، مع وجود محاولات حثيثة لإشعال نار الفتنة بين اللبنانيين، بالتوازي مع حملة الاعتداءات الإرهابية على الجيش من قبل «داعش» و«النصرة» والتي يراد من خلالها تأليب اللبنانيين على بعضهم وزعزعة ثقتهم بالمؤسسة العسكرية الحامية لكل فئات الشعب.
وتؤكد الأوساط النيابية أن «المستقبل» لا يرى سبيلاً للإبقاء على الجسور بين اللبنانيين إلا من خلال الحوار وحده، كونه الكفيل بحل القضايا العالقة ولو كانت الظروف الداخلية صعبة، لكن إرادة الطرفين كفيلة بتجاوز كل العقبات إذا وضعت مصلحة لبنان فوق أي مصلحة أخرى.