خشية من «حشد شعبي» على حساب مرجعية الدولة
«المستقبل» وخطاب نصرالله: لماذا تسليط الضوء على عرسال؟
فتح الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله في خطاب «يوم القدس العالمي» الباب واسعا أمام المبادرات المعلنة أو المستترة الهادفة الى كسر الجمود الذي يسيطر على مسار الاستحقاقات الداخلية «عبر تبسيط المبسّط وتوضيح الموضّح ورفد محاولات صناعة الحلول بقدرة تجيير إيجابية» على حد تعبير أحد الحزبيين.
نصرالله في خطابه الذي اتسم «بنبرة هادئة وحجة دامغة» لم يبتعد عن مسار اختطه رئيس مجلس النواب نبيه بري منذ دخول البلاد في أزمتها السياسية، قبل عقد من الزمن، اذ إنه «كان كمن يحفر بالابرة مداميك الحل المرتجى، ولم يستسلم لكل محاولات إجهاض المبادرات التي كان يمدها دائما بمقويات كسب الوقت وصولا الى حشر الجميع في زاوية الجلوس الى طاولة الحوار لإنتاج تفاهمات أو تسويات تؤدي الى بعث الروح في المؤسسات الدستورية الشاغرة أو المعطلة».
واذا كانت الصياغات السياسية قد كرست تحالفا استراتيجيا بين ثنائي «أمل» و «حزب الله»، فإنها، فتحت في المقابل، ووسعت هوامش الجانبين وربما بمدى أكبر للرئيس بري، وخصوصا لناحية تواصله المستمر مع رئيس «تيار المستقبل» سعد الحريري في كل ما هو قائم أو مستجد، تماما كما هي الحال بين «حزب الله» و «التيار الوطني الحر».. «وهذه الصياغات المركبة ساهمت على سبيل المثال لا الحصر، بإنضاج التفاهم النفطي بين الرابية وعين التينة بعد استعصاء دام ثلاث سنوات» يقول أحد المتابعين.
وبرغم ان السيد نصرالله قارب الملف الداخلي، وتحديدا الاستهداف الأمني، «بنيات صادقة وأدلة دامغة»، إلا ان قراءة «14 آذار» وتحديدا «المستقبل» لخطاب «يوم القدس»، لم تغادر ثوابت خطابها السياسي تجاه «حزب الله» وسلاحه وانخراطه بالحرب السورية، مع استبطان ارتياح يستشف من اختيار المفردات، مع رهان على ما يدور خلف كواليس الأزمات المحلية والاقليمية من مداولات بعيدة عن الاضواء «قد تؤتي ثمارها في التوقيت المناسب».
ووفق رأي وازن في «كتلة المستقبل»، لا تنازل عن حصرية مواجهة خطر الإرهاب بالدولة اللبنانية عبر الجيش والقوى الامنية من دون أي شريك «ولدينا اعتراض لا لبس فيه على أي مواجهة خارج إطار الدولة، لذلك المطلوب دعم الجيش من خلال استدعاء الاحتياط والاستثمار على القرار الدولي 1701 عبر الاستعانة بقوات دولية (اليونيفيل) ونشرها على طول الحدود الشرقية الشمالية مع سوريا».
يرى أصحاب الرأي نفسه جانبا سلبيا في كلام السيد نصرالله «عندما جزم بأن الانتحاريين الارهابيين أتوا من جرود عرسال وأن حزب الله سيحمي أبناء المنطقة برموش العين، بينما القول الرسمي (وزير الداخلية) أنهم جاؤوا من خارج الحدود اللبنانية، وبالتالي، ثمة محاولة من «حزب الله» لإعادة تسليط الضوء على عرسال كمنطلق للإرهاب وهذا أمر خطير، خصوصا أنه اقترن بإعلان الاستعداد للدفاع عن أبناء المنطقة المستهدفين، فهل يريد «السيد» أن يوحي بأن من يفجر في مساحة العالم ينطلق من عرسال، لذلك نرد على دعوته لوضع استراتيجية رسمية وطنية لمكافحة الارهاب، بسؤال بديهي: مواجهة الإرهاب أين؟ في العراق أم اليمن أم سوريا؟ اذا كانت كذلك فبالتأكيد نحن لسنا معها، انما مع تقوية الجيش والقوى الأمنية وإناطة أمر الدفاع عن لبنان بها حصرا، وأي طرح آخر يعني الذهاب الى «حشد شعبي» نتيجته الوحيدة تكريس المذهبية كما نشهد يوميا في العراق».
لا يتردد أصحاب هذا الرأي في التشديد على استمرار الحوار الثنائي بين «المستقبل» و «حزب الله» برعاية رئيس مجلس النواب، «فهذا الحوار اذا لم يكن مفيدا فلن يكون مضرا بل يساهم بتخفيف التوتر وتبريد الأجواء في ظل الخلاف الاستراتيجي بين الجانبين».
أما نقطة التقاطع مع ما طرحه السيد نصرالله لجهة وجوب صياغة حل سياسي لبناني، فقد برزت مع تنبيه «مستقبلي» بوجوب الالتفات الى أن البند الخامس من التفاهم التركي ـ الإسرائيلي محوره موضوع الغاز، «فإذا لم نستلحق أنفسنا كلبنانيين، فسنضيّع الفرص المتاحة أمام لبنان».