الرياض تريد «إعادة صياغة» الموقف الحكومي
«المستقبل» بين الهدوء والانسحاب من الحكومة.. أو «قلب الطاولة»
يبدو أن الضغط السعودي على لبنان وحكومته، ومن خلالهما على «حزب الله»، لن يتوقف في المدى القريب، مع استمرار زخم التهويل والتهديد الذي تمارسه بعض القيادات المحلية أكثر من مسؤولي السعودية نفسها، ولو كان إعلامها يعكس ايضاً النبرة العالية، والذي بات ينعكس سلباً على كل الأوضاع اللبنانية لا على «حزب الله» الذي يرد أيضاً بنبرة عالية. ومن شأن هذا التصعيد أن يؤدي الى تزايد حدة الأزمة الحكومية وربما الى تجميد عمل الحكومة، إذا فشلت محاولات الرئيس تمام سلام في منع انتقال التوتر السياسي الى جلسات مجلس الوزراء، وهو الذي نجح الأسبوع الماضي في اختبار إنجاز جلسة عادية ببنود إدارية متجاوزاً المشكلة مع السعودية.
وتقول مصادر وزارية مطلعة على الموقف السعودي، إن «المملكة تتفهّم حساسية الوضع اللبناني، لكنها تنتظر من الحكومة اعادة تصحيح الموقف الرسمي، ليس عبر الاعتذار بالضرورة، لكن بإعادة صياغة موقف الحكومة ككل، بما يرضي مطلب السعودية بموافقة لبنان على قرارات الإجماع العربي وليس فقط الاكتفاء بمواقف رئيسها التي ادلى بها طوال الأيام الماضية وتتضمن ما يشبه الاعتذار الرسمي».
وفي هذا السياق، تتراوح جهود سلام بين تفعيل مجلس الوزراء ومحاولة إقناع وزير العدل أشرف ريفي بالعودة عن استقالته، وبين حصر التوتر السياسي في المكان والزمان ومنع انعكاسه مزيداً من الشلل الحكومي، فيما المخاوف من التوتر الأمني تتفاقم وإن كانت مساعي كل الأطراف تركّز على منع أي توتر في الشارع، نظراً لانعكاساته على البلد وعلى جميع الأطراف.
وتعتقد مصادر رسمية متابعة عن كثب للوضع، أن «الأمور مفتوحة على المجهول، فلا يعرف أحد الى أي مدى يمكن أن يصل الضغط السعودي، ولا يعرف احد كيف ستكون نتائجه، لكن الأكيد أن لا مخارج ولا حلول جذرية فعلية متاحة قبل انتخاب رئيس للجمهورية، ولعل هذا ما يمنع استقالة الحكومة، لأنها آخر مكان يمكن الحوار فيه بين الأطراف المتخاصمة ويجري فيه البحث عن مخارج للأزمات المتوالدة، في حال توقف الحوار الثنائي والموسّع في عين التينة».
وبهذا المعنى، يفترض أن يعمل سلام بالتنسيق مع رئيس المجلس نبيه بري على كسب السباق بين التصعيد والتهدئة، لتكريس حالة من الهدوء الممكن سياسياً، لأن البلد لم يعُد يحتمل هذا الجنون الحاصل، خاصة في ظل المعلومات عن احتمال دخول عناصر إرهابية على خط التوتر والتحريض المذهبي للقيام بأعمال إرهابية. ولهذا السبب اتخذ الجيش وقوى الأمن الداخلي إجراءات أمنية مشدّدة في بيروت وكل المناطق، لا سيما على طريق الجنوب. وتنصح المصادر الرسمية كل الأطراف بوعي دقة المرحلة وخطورتها، والحدّ من التصعيد السياسي الحاصل لتلافي أي انتكاسة أمنية.
وتؤكد مصادر رئيس الحكومة أنه وإن كان منزعجاً من كل ما جرى لا سيما حول وضع الحكومة وأدائها مؤخراً، الا انه ليس في وارد الاستقالة، وهو يسعى لتصويب العمل الحكومي والحد من الأضرار والخسائر السياسية، وان بدا ان الرد على رسالته التي وجّهها الى القيادة السعودية سيتأخر ربطاً بما يحصل من تطورات وما يعكسه الاعلام السعودي والخليجي عموماً. ومع ذلك فلا زال سلام ينتظر إشارات إيجابية داخلية تسمح بورود اشارات خليجية إيجابية. فيما يفترض أن يعمل رئيس المجلس النيابي على تفعيل الحوارات القائمة بحثاً عن مخارج.
لكن مصادر رفيعة المستوى في «تيار المستقبل» تؤكد أن خيارات التيار تراوح بين ثلاثة آراء: الاول يدعو الى الصبر والمعالجة الهادئة، وهو الأبرز ويعوّل على لقاء إيجابي بن الرئيسين بري وسعد الحريري. ورأي يدعو الى تعليق المشاركة في الحكومة. ورأي ثالث، وهو الأضعف، يقول بقلب الطاولة على الجميع. واوضحت تلك المصادر أن الموقف قد يصدر خلال أسبوع او عشرة ايام، وربما خلالها يتم إيجاد مخرج مناسب للجميع.