IMLebanon

المستقبل» يشكو المحاضر «المجتزَأة»

 

يُتقن بعض القادة اللبنانيين فنَّ نشر محاضر اللقاءات بشكل مجتزَأ، بهدف فرضِ أمرٍ واقع جديد يُثير الإلتباسَ في بلدٍ تتعدّد فيه الملفات الشائكة. وعلى هذه الخلفية يشكو «المستقبل» اليوم من النشر المجتزَأ لبعض اللقاءات، ومنها اللقاء الشهير بين الرئيس سعد الحريري والعماد ميشال عون في بيت الوسط. فما هي الملاحظات؟

تتعدَّد الأسباب لتتسابق وسائلُ الإعلام المحلّية على فكّ ألغاز العديد من اللقاءات السياسية بين الأقطاب، على رغم أنّ البعض يتجاهل رواية «رسالة سلمى» في إحدى مسرحيات الأخوين رحباني، وخصوصاً تلك التي تتناول جلسات تمتد ساعات بما يرافقها من موائد وجلسات حوار موسّعة لا يوفّر فيها النقاش ملفّاً داخلياً أو خارجياً، ما يؤدّي إلى صعوبة إعادة ترتيب المحاضر، وخصوصاً تلك التي تفتقد وجود مدوّن لها، ولا سيما في قضايا حسّاسة تثير حفيظة الحلفاء على جانبَي الانقسام الحاصل في لبنان.

من هذه الزاوية تتعدّد الروايات ومعها التسريبات حول حقيقة المواقف والآراء التي يمكن أن تشهدها مثلُ هذه اللقاءات، الأمرُ الذي تكرّرَ في الفترة الأخيرة بالنسبة إلى اللقاء الذي شهدَه بيت الوسط بين الرئيس سعد الحريري والعماد ميشال عون، بما رافقه من تكريم واحتفال بميلاد الجنرال، والذي لم تنتهِ فصوله بعد.

على هذه الخلفية يسجّل أحد المعنيّين في قيادة «المستقبل» عتَباً شديداً على إصرار «التيار الوطني الحر» على تسريب أجزاء مقتطَفة من اللقاء في مناسبات عدّة بطريقةٍ أقلّ ما يقال فيها إنّها «مشوّهة» أو على الأقل مجتزَأة على طريقة «لا إله…».

ولا سيّما عندما يتّصل الأمر بالتفاهمات الممكنة على الاستحقاق الرئاسي بما فيه مِن تداخُل ما بين الداخلي والإقليمي والدولي وصولاً إلى ملفّ التعيينات على مستوى القادة العسكريين بصيَغ ومعادلات لا يمكن أن تكون موضعَ تفاهم. فهناك عوائق إدارية تَحول دونَ اكتمال بعض المعادلات التي تمَّ تسريبها على قاعدة تُفضي إلى تقاسم المواقع العسكرية والأمنية وفقَ التصنيف المعتمَد سياسياً ومذهبياً، عدا عن تلك التي تقضي بتوزيع المواقع والمغانم ما بين أقطاب «8 و14 آذار» وما بينهما من قوى تصِرّ في بعض الملفّات على حيادها من طرفَي الصراع في البلد، وأخرى تنخَرط فيها إلى النهاية على قاعدةِ إتقانها منطقَ «الصيف والشتاء تحت سقف واحد».

وعلى هذه القاعدة يُعَبّر القيادي المستقبلي عن حجم الخَيبة من مسلسل التسريبات التي لجَأ إليها «التيار الوطني الحر» بما فيها مِن مغالطات. وتوقّفت باهتمام بالغ عند تلك التي فتحَت جدَلاً جانبياً بين الحلفاء على الجانبين من التيّارَين الأزرق والبرتقالي نتيجة ما يمكن تسميتُه التسريبات المنظّمة بـ«حِرَفية عالية الجودة»، وهو ما انعكسَ على الطرَفين في السرّ والعَلن، ما هَدَّدَ بمواقف تزَعزع بعضاً منها وتمسّ الحدّ الأدنى من التضامن المطلوب وتشَجّع على إخفاء حقائق كثيرة، بعضهم عن بعض، في مرحلةٍ تكثر فيها المخاوف من حجم المقالب والتي تُنذر بتحالفات جديدة بين ليلة وضحاها، سواءٌ تلك المتوقّعة على «القطعة» أو تلك التي تهدّد التفاهمات الكبرى.

ويضيف القيادي أنّ من شأن بعض التسريبات أن تقود الى التشكيك بما يدور في الاجتماعات المغلقة على خلفياتها المحَلّية والإقليمية في بلدٍ صغير، منَبّهاً إلى أنّ ما وراء الأكمَة لا يبشّر بإمكان إبقاء بعضٍ منها طيَّ الكتمان في بلد صغير «الكلُّ فيه يَعرف الكلّ والبئرَ وغطاءَه».

وأنّه ليس من السهل «بلع» بعض الروايات السندبادية، فليس من مصلحة الطرفَين نشر كلّ المحاضر والحقائق، فيجب أن يبقى للسرّ مكانٌ، بما تقول به الأعراف في مثل هذه الحالات.

لكنّ القياديَّ العاتبَ نفسَه يرفض أن يوضحَ أو يصَوّب بعضَ جوانب من روايات سُرّبت لأسباب غير منطقية، متمسّكاً تارةً بأنّ «المجالس بالأمانات» وأنّ بعضَ ما يجري التداول به في اللقاءات مُلكٌ لطرفَيه.

ويضيف: إنّ حركة الموفدين لا تتمّ بصورة شخصية، فهُم لا ينقلون ما لديهم من آراء شخصية، ومهمّتُهم نقلُ الرسائل التي يجب أن تصل بأمانة الأمين على مهمّة الموفد أو المستشار، وإنْ لم تحترَم هذه القاعدة فليتمّ اللجوء إلى المحاضر الرسمية المسجَّلة أو المكتوبة، وإنْ كان ضرورياً فلتسَجَّل لدى دوائر «كتّاب العدل»!