سيكون المؤتمر العام الثالث لتيار «المستقبل» المُزمع عقده نهاية الشهر الجاري مختلفاً عن المؤتمرات السابقة. المقرّرات التي ينتظرها جمهور التيار وُضِعت مسبقاً، وهي أقرب إلى فرض «إدارة» ونظام جديدين من خلال التعيينات لا الانتخابات
يبدو صعباً بالنسبة إلى جمهور تيار «المُستقبل» ومندوبيه وكوادره والناشطين فيه، الاقتناع بأن المؤتمر العام الثالث الذي حدّد الرئيس سعد الحريري موعِد انعقادِه في 25 تموز الجاري، سيُغيّر ما أفسدته السياسات الماضية، أو في أحسن الأحوال سيحقّق نفضة ما. قرار الحريري الذي تمّ بناءً على تفويض من المكتب السياسي، ليسَ سوى مناسبة شكلية للإعلان عن مقرّرات متخذة مُسبقاً، وليست بناءً على انتخابات وتصويت الشبان والشابات.
في الشكل، يتخذ المؤتمر طابعاً استثنائياً لكونه يُعقد في ظروف استثنائية لها طابِع داخلي يخصّ التيار، وآخر يتعلق بوضع البلد ككلّ. فبمعزل عن وباء كورونا، يأتي هذا المؤتمر بعَد فترة قصيرة من فكّ الارتباط السياسي مع التيار الوطني الحرّ ، وخروج الحريري من السلطة والتسوية الرئاسية. كما يأتي في لحظة انهيار نقدي – مالي – اقتصادي، وانتفاضة شعبية جرفت معها قسماً من جمهور التيار الذي لم يعُد يرى في مرجعيّته السياسية أيّ أمل، خاصة بعدَ الخيبات الكثيرة التي حصدها من سياساته وتحالفاته.
في الشكل، سيُحاول المعنيون في التيار تصوير هذا المؤتمر، وكأنه أولاً، مراجعة تقويمية في أعقاب الانتخابات البلدية والنيابية الأخيرة، ونتائجها التي حملت مفاجآت صادمة لقيادة «المستقبل»، وخاصة في بيروت وطرابلس، حيث كانت الخسارات معنوية أكثر منها عددية. وثانياً، مناقشة للخيارات السياسية التي اعتمدها الحريري في المرحلة السابقة والاستماع إلى ملاحظات الناس حولها. ثالثاً، تنشيط العلاقة التفاعلية داخل التيار بين الأمانة العامة والمنسقيات والمكتب السياسي. وأخيراً، كسر الجمود التنظيمي وحالة التراخي التي أصابت التيار. وطبعاً، إعادة انتخاب للأمانة العامة والمكتب السياسي، على قاعدة تطبيق المحاسبة وتطوير الهيكلية.
لكنّ المضمون شيء مختلف كلياً. يقول المطلعون في التيار إن «المقرّرات التي ستخرج عن المؤتمر وُضعت سلفاً»، وأن الاتجاه، حتى الآن، هو «لحلّ الأمانة العامة والمكتب السياسي، واستبدالهما بالمكتب الرئاسي ونوابه، أي الرئيس الحريري وإلى جانبه 3 أو 4 أسماء، اثنان منهما على الأرجح هما الأمين العام للتيار أحمد الحريري، ورئيس جمعية بيروت للتنمية أحمد هامشية، على أن تنضوي المنسقيات في مختلف المناطق تحت سلطة المكتب الرئاسي». كما أن هذه المرة لن تكون هناك انتخابات كما في المؤتمرات السابقة وإنما تعيينات للمنسقيات، إذ بحسب العارفين، يريد الحريري تغيير الطاقم القديم كله بعد اكتشافه بأن جزءاً كبيراً «فاتح على حسابه» ويتخذ من موقعه التنظيمي في التيار منصة لتحقيق مكاسب شخصية، فيما البعض يتواصل مع خصوم الحريري سراً.
العمل داخِل تيار «المستقبل» لا يقتصر على التحضير للمؤتمر. واضح أن الرئيس الحريري، لا يريد تكرار خطأ الانتخابات النيابية الماضية. يدور نقاش حالي بين الحريري والمقرّبين منه بأفكار لا تزال مجرد افتراضات تنطلق من فكرة عدم الوصول إلى ما قبل شهرين أو ثلاثة من موعد الانتخابات النيابية من دون أن يكون التيار قد تحرّك بعد. في الواقع، بدأ عدد من نواب «المستقبل» وشخصيات مقرّبة من الحريري، بالعمل باكراً، نتيجة الأزمة المعيشية التي يعاني منها جمهور التيار كما سائر اللبنانيين، بالإضافة إلى جائحة «كورونا». ولبعضهم نشاط لافت على مستوى اللقاءات والجولات مع الناس. وما يفكر فيه الحريري هذه المرة، هو اختيار أسماء تكون رافعة للوائحه الانتخابية، لا الاعتماد على اسمه فقط، انطلاقاً من تماسها الدائم مع الناس كهاشمية مثلاً الذي صارَ رقماً صعباً داخل التيار، وخاصة في العاصمة، وهو من يتولّى الكثير من الأمور المالية والمساعدات على الأرض، أو أسماء رجال أعمال تركوا في ذاكرة جمهور التيار في مختلف المناطق «سيرة ارتبطت بالرئيس رفيق الحريري»، أو لهم «إنجازات في القطاع الاقتصادي» أو «رمز للنجاحات» من وجهة نظر هذا التيار، طبعاً، على سبيل المثال رئيس مجلس إدارة طيران الشرق الأوسط محمد الحوت، في حال حصول تطورات من الآن حتى تاريخ الانتخابات أدّت إلى تغييره.