IMLebanon

مؤتمر «المستقبل» طرابلسياً: تنامي الصراعات!

«سمير الجسر كان أكبر الخاسرين إلى حدود الانتقام منه»

مؤتمر «المستقبل» طرابلسياً: تنامي الصراعات!

قد يكون من المبكر الحديث عن تداعيات المؤتمر العام الثاني لـ «تيار المستقبل» على طرابلس، خصوصا في ضوء ما شهده من عمليات إقصاء للقيادات التقليدية ومن صراعات بين ما بات يعرف بـ «الحرس القديم» و «الحرس الجديد»، وذلك في إطار طموح كل فريق للوصول الى مجلس النواب، قبل ستة أشهر من الانتخابات النيابية.

يمكن القول إن ما قاله الأمين العام لـ «تيار المستقبل» أحمد الحريري قبل نحو عام في طرابلس بأن «لا صوت يعلو في تيار المستقبل فوق صوت سعد الحريري»، شكّل خلاصة «المؤتمر العام الثاني» الذي جاء ليضرب ازدواجية الولاء في المناطق لا سيما في طرابلس التي أنتجت نوابا من عائلات سياسية تقليدية لهم الكثير من المناصرين الذين يعمل كثير منهم وفق توجيهاتهم وليس وفق توجيهات «قيادة المستقبل».

لذلك فإن المؤتمر جاء ليؤكد للجميع، أن ليس لدى سعد الحريري خط أحمر أمام أي كان، وأن ليس فوق أي «مستقبلي» مظلة تحميه، وبالتالي لا فضل لمسؤول على آخر إلا بمقدار العمل والانتاج والعطاء والتضحية.

من الناحية الايجابية، يرى البعض أن المؤتمر فتح الباب أمام مرحلة جديدة من العمل، ستكون فيها المناصب تكليفا وليس تشريفا، وأن ما حصل أعطى دفعا وحيوية لكل المناصرين الذين كانوا قبل أشهر يستمعون الى من يقول بأن «سعد الحريري انتهى سياسيا، ونريد أن ننتظر ما إذا كان المستقبل سيصمد حتى الانتخابات النيابية المقبلة».

ويلفت هؤلاء الانتباه الى أن من كانوا على رأس «تيار المستقبل» في طرابلس لم يحرّكوا ساكنا أمام الهجوم الذي تعرض له الرئيس الحريري والتيار من قبل بعض المتمردين وفي مقدمتهم الوزير أشرف ريفي، بل لزموا الصمت وعدم الاكتراث، الأمر الذي جعل كثراً يشعرون بخطر وجودي، وبالتالي فان الأرض تحتاج اليوم الى عنصر الشباب والى المتحمسين لكي يدافعوا ويواجهوا ويتصدوا لأي تمرد أو افتراءات جديدة من هذا النوع.

من الناحية السلبية، يرى البعض الآخر أن المؤتمر ساهم في تحجيم شخصيات مستقبلية تقليدية لها وزنها وحضورها في طرابلس، لافتين الانتباه الى أن رفيق الشهيد رفيق الحريري النائب سمير الجسر كان أكبر الخاسرين، الى حدود الانتقام منه (بحسب مستقبليين غاضبين)، حيث لم يكن له أي دور في المؤتمر الذي تولى الاشراف عليه النائب محمد الحجار، ولم يعرض عليه أحد التجديد في هيئة الاشراف والرقابة التي تسلم امانة سرها في المؤتمر الأول، وآلت مقاليدها في المؤتمر الثاني الى المحامي محمد المراد الخصم النقابي للجسر في نقابة المحامين، أما الوعد باعطائه حقيبة العدل في حكومة العهد الأولى فبات من الماضي، إضافة الى إبعاده بشكل كامل عن المكتب السياسي بعدم تسميته لتمثيل الكتلة النيابية لمصلحة النائب جمال الجراح، فضلا عن عدم فوز أي مقرب منه في الانتخابات بالرغم من ترشيحه أكثر من عضو، أما التعيين فقد زاد الطين بلة بتسمية هيثم مبيض الذي لطالما كان على خلاف واضح مع الجسر، وهو كان أحد أبرز الذين نظموا اللقاء الداعم لخيارات الحريري الرئاسية في طرابلس مع الدكتور مصطفى علوش، وبدا واضحا في حينها أن اللقاء كان موجها ضد الجسر والنواب المعترضين، وهو أي الجسر لم يُدع إليه كما لم يُدع منسق التيار ناصر عدرة المحسوب على الأخير.

وما ينطبق على الجسر ينسحب أيضا على سائر نواب المستقبل والمستشارين والقيادات التقليديين الذين عادوا من المؤتمر الثاني بـ «خفيّ حنين»، لذلك فان الصراعات المستقبلية التي كان البعض يتحدث عنها سابقا، ستكون أشدّ وطأة في الصراعات المقبلة، خصوصا أن المتضررين سيسعون الى إقناع الحريري بأن خياراته كانت خاطئة وأن التيار لا يمكن أن ينطلق من دون مشورتهم وحكمتهم وحضورهم، في حين ستبذل القيادات الجديدة قصارى جهدها لاثبات حضورها وصولا الى وراثة من سبقها بالمسؤولية.

وفي هذا الاطار، يجد الدكتور مصطفى علوش الذي نال أعلى نسبة من الأصوات بعد الأمين العام أحمد الحريري نفسه في حالة ضياع كونه يعتبر من الصقور المخضرمين وتربطه علاقة جيدة بالتقليديين، ومضطر للتعاون والتنسيق مع المنتخبين والمعنيين في المكتب السياسي، وهو أبدى تخوفه في حديث تلفزيوني من حصول «صدام قد لا يؤدي الى إصلاح الأمور، ويمنع الزخم عن الانطلاقة الجديدة، خصوصا أنه من الصعب الدمج بين المخضرمين أصحاب الخبرة في العمل السياسي والوطني، وبين الشباب المتحمسين للعمل والظهور» وهم يفتقدون للخبرة.

وتقول مصادر مطلعة على ما يدور في أروقة «المستقبل» لـ «السفير» إن الرئيس الحريري قلب الطاولة بوجه كل من وقف ضد خياراته السياسية، وهو كان أوحى بذلك في لقاءات وخطابات عدة لكن أحدا لم يصدق أن يقرن قوله بالفعل، لافتين الانتباه الى أن صورة جديدة لـ «المستقبل» سيجري تركيبها تحت إشراف أحمد الحريري في طرابلس بعيدا عن الشخصيات التقليدية، باستثناء النائب محمد كبارة الذي لا يعدّ منظما في التيار، وإنما من أبرز الداعمين والأوفياء للحريري الذي يلتزم بتوزيره في حكومة العهد الأولى.