هجوم القنيطرة، لا تفجير جبل محسن، قد يكون الاختبار الفعلي الأول أمام حوار حزب الله ـــــ تيار المستقبل، تحت عنوان أساسي هو تنفيس الاحتقان المذهبي. في اليومين الماضيين، بدا أن الاحتقان لم ينفّس إلا في تلك القاعة التي تجمع بين الوفدين المتحاورين، فيما بقي فضاء مواقع التواصل الاجتماعي ساحة حرب كلامية بين أنصار الطرفين، بعدما كانت حدّتها قد تراجعت مع أولى جلسات عين التينة. ولكن رغم المطالبة بمقاطعة الحوار مع معارضي خطّ المقاومة، وهجوم المنتقدين لتدخّل الحزب في سوريا، يحرص الحزب والتيار على عدم قطع شعرة التواصل.
يدرك المستقبليون أن قتال حزب الله في سوريا ليس بنداً على جدول أعمال الحوار، ولن يكون. هذا، كما غيره من الملفات الخلافية الكبيرة، متفق على تحييده. لكن «الضربة» التي تعرّض لها الحزب، في توقيتها ومضمونها، أعادت تيار المستقبل «عشر سنوات إلى الوراء»، على ما يقول مسؤول في التيار، «وأعاد إلى الواجهة، من جديد، مسألة قرار الحرب والسلم».
يقارن المستقبليون، بكثير من التخوف، وضع اليوم بوضع طاولة الحرب عام 2006. آنذاك، «لم يفِ الحزب بتعهداته، وقلب الطاولة فوق رؤوس الجميع عندما اتخذ منفرداً قرار الحرب».
هجوم القنيطرة ينعش معارضي الحوار داخل التيار الأزرق
وهناك، من بين مؤيدي الحوار المستقبليين مع الحزب، مَن يخشى أن يؤدي الوضع الحالي إلى تقوية شوكة من قادوا، داخل المستقبل، معارضة فتح حوار مع الحزب قبل خروج مقاتليه من سوريا، بذريعة أن «حزب الله لن يلتزم أيّاً من مقررات الحوار، والتجربة خير دليل». صحيح أن هناك ـ في التيار ـ من وقف في وجه المعترضين، مصرّاً على الحوار من دون الوقوف عند أي اعتبار إلا ضرورة الإسراع في ضبط التوتر واحتوائه. إلا أن هجوم القنيطرة رفع من مستوى «التأهب النفسي». وبحسب المصدر نفسه، «ذهبت تفسيراتنا للحدث إلى تناول جلّ الاحتمالات التي يُمكن أن تنتج من استهداف بهذا الحجم».
المستقبليون «معارضين للحوار ومؤيدين له، يناقشون احتمالات الأيام المقبلة، مع سؤال واحد: هل ينفض الحزب يده من الحوار، للتفرّغ لمعركة كبيرة يفتحها مع الإسرائيلي ردّاً على استهداف قادته وعناصره؟». ويضيف: «النقاش يجري في جو وكأن الحرب مع إسرائيل على الأبواب». صحيح أن المؤيدين للحوار دعوا إلى عدم استغلال ما حصل للتصويب على الحوار أو المطالبة بتجميده، خصوصاً أنه «لا الضربة حصلت على الأراضي اللبنانية ولا الردّ سيكون منها»، كما يتوقّع هؤلاء. إلا أن ما بعد الغارة الإسرائيلية لن يكون كما بعدها. المستقبليون، كما تقول المصادر، مدعوون إلى «المزيد من اليقظة مع الحزب، والتشديد على التزام تعهدّاته»، لسبب واحد، هو أن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، أكّد في مقابلته الأخيرة أن «الحزب ليس موجوداً في الجولان، وهو يشبه ما قاله عام 2006 عن أنه لن يجرّ لبنان إلى أي حرب. ما حصل أول من أمس أثبت أن حزبه موجود في الجولان بغضّ النظر عن شكل هذا الوجود وأهدافه». على كل حال، ينتظر تيار المستقبل ردّ الحزب الذي «يُمكن أن يتأخر، ليس مراعاةً لنا أو لغيرنا، بل لأن الظروف قد لا تتيح له التنفيذ في القريب العاجل»، و«حتى ذلك الحين نحن مستمرّون في الحوار»!