Site icon IMLebanon

“المستقبل” – “التيار”: تبادل لكمات موضعية محدودة المفاعيل

 

 

الوضع ليس جيداً بين التيارين لكن لا بدائل عن “التسوية”

لا يجد “التيار الوطني الحر” نفسه معنياً بالجواب عن سؤال حول الأسباب التي دفعت الرئيس سعد الحريري إلى الغاء اللقاء الحواري لـ”المستقبل” مع رئيس “الوطني الحر” الوزير جبران باسيل… “ففي مثل هذه الحالات يُسأل الداعي عن أسبابه ولا يُسأل المدعو”.

بعد تحضيرات استمرت أسابيع ألغى الرئيس الحريري اللقاء. سرّب الخبر عبر وسائل الإعلام وليس من خلال التواصل المباشر مع باسيل. يؤشر إلغاء اللقاء كما طريقة الإعلان إلى وجود توتر في العلاقة أو لنقل إن العلاقة بين رجلي التسوية ليست في أفضل حالاتها. خطوة في محلها أن يلغي خبر إلغاء اللقاء التسريب المتعلق بمبلغ الـ 16 مليون دولار لعارضة أزياء جنوب أفريقية، خصوصاً أنّ الخبر أعطى مفاعيله الإيجابية لدى مناصري “المستقبل” وبعضهم ممتعض ضمناً من علاقة يراها غير متكافئة بين الحريري وباسيل.

 

سبق اللقاء تبادل اتهامات حول الأسباب الكامنة خلف الأزمة المالية والاقتصادية كان النائب زياد أسود عرابها لأيام طويلة خلت. يقال إن تغريدات أسود كانت سبباً مباشراً، والتي يمكن أن تكون رداً على معلومات ترددت أن رئيس الحكومة اتهم أمام الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وزيرة الكهرباء ندى البستاني وفريق الرئيس بأنهم غير متعاونين معه في ما يتعلق بالاصلاحات الاقتصادية المطلوبة لانجاح مؤتمر “سيدر”، لكن مصادر وزراية نفت هذه المعلومات.

 

عوامل تشنج داخلي وتراشق صبياني يومي بين نواب التيارين، اعترضت طريق باسيل إلى بيت الوسط، لتكون النتيجة خلافاً ليس عميقاً بل تبادل لكمات موضعية محدودة المفاعيل، لأن لا مصلحة لأي طرف بالانسحاب من اتفاقه مع الآخر والخيارات ضيقة أمامهما.

 

في ما يتعلق بالزيارة أو غيرها من المواضيع يتمحور إعتراض “التيار الوطني الحر” حول سلة المطالب والخطط الانمائية والاقتصادية التي لم تحسم الحكومة أمرها بعد حيالها. المسؤولية هنا يتحملها رئيس الحكومة قبل غيره. سقف العلاقة بين “المستقبل” و”الوطني الحر” هو “التسوية الرئاسية والتي تقوم على ركيزة أساسية موضوعها بناء الدولة، وأن يكون عهد الجنرال ميشال عون بالشراكة مع رئيس الحكومة ضمن حكومة أقرب ما تكون إلى حكومة وحدة وطنية”.

 

مطلوب من الحكومة وفق “الوطني الحر” ورئيسه “القيام بإصلاحات ضرورية على المستوى المالي والاقتصادي، خصوصاً أن العهد خلال السنوات الثلاث من عمره أنجز خطوات مهمة على مستوى الأمن، وقطع الحسابات التي صارت في عهدة ديوان المحاسبة، وموازنات كان آخرها في العام 2019 والعمل جار على موازنة العام 2020”.

 

المهم من التفاهم بالنسبة إلى “الوطني الحر” هو “تقدم الدولة إلى الأمام وليس بناء تحالفات انتخابية هدفها الوصول إلى السلطة وإذا لم تؤد غرضها في الموضوع الإصلاحي فحينها تفقد مبرر وجودها”.

 

يعتبر “التيار” أن “السنوات المتبقية من العهد يجب أن تشهد استكمالاً لمشروع بناء الدولة لأن الأمور مستحيل أن تكمل بالنحو الذي هي عليه بالموضوع المالي والاقتصادي”. والمقصود بالحديث هنا تحديداً بلورة عملية لورقة بعبدا بشقيها الاقتصادي والمالي. هذه الورقة التي “لم تتحرك وقبلها خطة الكهرباء، كلها خطط وقرارات يلزمها مجلس وزراء للبت بمصيرها”.

 

وان كان “المستقبل” السباق الى اعلان الموقف السلبي من “التيار الوطني”، إلا أنّ عتب البرتقالي على الأزرق يتضاعف مع ما شهده الأسبوع الماضي من إرجاء مشاريع تنموية يحتاج تنفيذها إلى مبالغ محدودة في أقضية جبل لبنان الشمالي أي كسروان، المتن وجبيل… ومع ذلك “ننظر إلى الأمور بإيجابية ونقول إذا لم تصرف المبالغ لسبب أو لآخر فننتظر من رئيس الحكومة تسوية الأمر”.

 

وبالرغم من كل المآخذ والعتب المتبادل “لا رغبة لـ”التيار” بالخروج من التسوية ومعنيون كغيرنا بنجاح الحكومة والعهد ولكن ثمة قضايا لم تعد تحتمل التأجيل كقضية النازحين وكلفتها العالية على البلد والمعالجات الاقتصادية”.

 

والحديث عن سوء الفهم حول المعالجة الاقتصادية لا يقود بالضرورة إلى أزمة سياسية، أقله هذا ما يحاول “التيار الوطني” التأكيد عليه. “لا نريد الدخول في الموضوع السياسي، ولسنا بصدد الذهاب الى سوريا لاتفاق سياسي أو إجراء صفقات حول الاعمار بل بالحد الادنى يجب على الحكومة أن تقر خطة النازحين التي تقدم بها الوزير المختص”. الأثر السلبي لعدم إقرار هذه الخطط والمعالجات على البلد أكثر مما هو على العلاقة بين التيارين.

 

لا يتحدث “التيار” عن مرحلة خلاف سياسي “بل عن اختلاف في النظرة الى المعالجات المطلوبة. والمطلوب إصلاح جذري من خلال بلورة عملية لورقة بعبدا التي يجب أن تنفذ ونقطة على السطر”.

 

بالنسبة الى “التيار الوطني”: “ليس المهم إن زرنا الحريري أو لم نزره، الزيارة قد لا تقدم ولا تؤخر، وترتيب الزيارة أو الغاؤها أمران يعودان إلى صاحب الدعوة الذي أراد سحبها فسحبها والمسألة لا تؤثر علينا طالما أنّ علاقتنا محكومة بمسار التسوية وأهدافها”.

 

وبالنسبة إلى الحريري “هو نوع من تعبير عن التململ عبّر عنه بسحب دعوته الى باسيل للقاء حواري مع المستقبل”. الوضع ليس جيداً بين التيارين لكن ليس لدرجة الانقلاب على التسوية لأنّ اللحظة غير مؤاتية ولا بدائل خصوصاً وأنّ المنطقة قد تكون مقبلة على تبدّل موازين.