ينأى تيار «المستقبل» بشخص رئيسه النائب سعد الحريري عن سياسة النأي بالنفس التي طالما طالب الفريق الآخر في البلد باعتمادها منذ اندلاع الأزمة السورية. بعد العدوان السعودي على اليمن، وجد الحريري نفسه مضطراً إلى أن يكون طرفاً داخل الصراع بشكل علني. ولأن تجديد البيعة للعهد السعودي الجديد، التي أكدها الحريري في ذكرى 14 شباط، يحتاج إلى ترجمة، عاود رفع سقف خطابه عالياً ضد حزب الله.
ماذا عن معزوفة «النأي بالنفس» إذاً؟ «كقوة سيادية، إن تحييد أنفسنا عمّا يحصل في اليمن يعني أننا موافقون على التمدّد الإيراني في المنطقة»، تقول مصادر في التيار. وتضيف: «الدفاع عن معركة المملكة يفرضه النفوذ التي تسعى طهران إلى تعزيزه في لبنان، كما في عدد من دول المنطقة». وبالتالي، إن طرح السؤال عن نأي المستقبل بنفسه عمّا يحصل في اليمن «غير محقّ» و»الجلوس جانباً كان سيربكنا». لذلك، وحّدت «عاصفة الحزم» السعودية المستقبليين خلف «المحور العربي الذي تقوده المملكة»، ولم يبق أحد في التيار الأزرق إلا مال مع رياح «العاصفة» السعودية، داعماً إياها بعاصفة من الاتهامات ضد إيران وحزب الله و»التمدد الفارسي». وهي عاصفة بلغت من العتيّ ما يجعل الأمر صعباً على أي من موفدي التيار إلى حوار عين التينة القول، بعد اليوم، إن الخطابات التي تصدر عن شخصيات مستقبلية ضد الحزب مواقف فردية.
الحوار ليس «خياراً وطنياً» بقدر ما هو نتيجة ضغوط دولية
ورغم ما تثيره هذه المواقف من احتقان في صفوف أنصار المستقبل كما في صفوف أنصار خصومه، لا تزال المصادر المستقبلية تؤكد أن الحوار مستمر لأنه «يساعد في تخفيف الاحتقان»! لكن الجديد أنها لم تعد تعتبر الحوار «خياراً وطنياً»، بقدر ما هو «نتيجة ضغوط دولية بالدرجة الأولى، مصدرها فرنسا والولايات المتحدة الحريصتان على الاستقرار الأمني». لذلك، تنعى المصادر «الأهداف المعلنة للحوار، ومنها الاتفاق على ملف الاستحقاق الرئاسي، الذي صرح الرئيس نبيه برّي بأنه سيكون الموضوع الأساس على جدول أعمال الجلسة المقبلة». علماً بأن «أحداً لا يُصّدق أننا سنرى نتائج جدّية، في ظل انتظار الطرفين لنتائج عاصفة الحزم، وأمل كل منهما انتصار المحور الذي ينتمي إليه، علّه يُصبح قادراً على فرض مرشّحه». حتى ذلك الحين، يبقى الحوار «حركة تطمينية للقاعدتين الشعبيتين. علماً بأن صبر وفد المستقبل إلى الحوار بدأ ينفد نتيجة عدم لمسه أي تحوّل حقيقي، وتشبّث حزب الله برأيه في الكثير من الملفات، كذلك إن إخراج كل ما يتفق عليه على الأرض لا يرضي التيار ولا قاعدته»!