لم يأت مانشيت الزميلة «المستقبل» الذي حمل عنوان «حوارك راوح» قبل أيام، من فراغ أو بفعل اجتهاد مهني، بل جاء تعبيرا عن مزاج «أزرق» (نواب وقيادات وجمهور) لا يجد أي جدوى من استمرار الحوار مع «حزب الله» كونه لم يسفر عن نتائج سياسية ملموسة برغم بلوغه عتبة الجلسة السادسة عشرة.
ثمة وجهتا نظر في «تيار المستقبل» حول الحوار مع «حزب الله». الأولى، ترفض الحوار ويتحيّن أصحابها الفرص من أجل التصويب والانقضاض عليه، ويتحصن هؤلاء في اجتماعات الكتلة النيابية أو في اللقاءات التنظيمية بكل المواقف الصادرة عن «حزب الله» سياسيا وميدانيا لا سيما انخراطه في الأزمة السورية، ليؤكدوا في كل مرة أن هذا الحوار لن يكتب له النجاح، وأن الحزب لن يتخلى عن مشاريعه التي تتضارب شكلا ومضمونا مع رؤية وتوجهات التيار. كما لا يتوانى هؤلاء عن إطلاق التصريحات النارية في كل مناسبة ضد «حزب الله»، ما يستدعي ردودا مضادة وهي معضلة تؤدي الى تعريض الحوار للاهتزاز.
ويرى هؤلاء أن الحوار لم ينجح في تذليل العقبات أمام انتخاب رئيس للجمهورية، كما لم يساهم في حل الأزمة الحكومية التي انتقلت الى الشارع وجعلت الحكومة في حكم المعطلة بعدما وقف وزيرا «حزب الله» الى جانب الوزراء العونيين، فلماذا الاستمرار في حوار من دون أفق ومن دون نتائج؟.
أما وجهة النظر الثانية، فهي المتحمسة للحوار، ويرى أصحابها أن الحوار ما يزال يشكل ضرورة وطنية، وهو ربما لم يصل الى نتيجة إيجابية في مسألة انتخاب رئيس جديد للجمهورية كون هذا الملف يشكل عنوانا دائما لكل جلسة، لكن هذا الأمر لا يتعلق فقط بالتيار والحزب وحدهما، بل يتعداهما الى تيارات أساسية تعتبر نفسها «أم الصبي» في انتخابات الرئاسة.
ويشير هؤلاء الى أن «تيار المستقبل» هو فريق سياسي كبير ولا يمكن أن يكون وزراؤه ونوابه وقياداته نسخة طبق الأصل عن بعضهم البعض، لذلك فهناك من هو متحمس للحوار، ومن هو أقل حماسة، ومن هو رافض له بالمطلق، وكل عضو في الكتلة يقدم إقتراحاته وملاحظاته ورؤيته للقضايا المطروحة، لكن في النهاية يكون القرار للأكثرية في اجتماعات كتلة المستقبل النيابية.
ويؤكد المتحمسون للحوار أن أي لقاء يعقد بين طرفين لبنانيين يعتبر إيجابيا، لافتين الانتباه الى أن الحوار بين «المستقبل» و «حزب الله» حقق خطوات ملموسة على صعيد إزالة الشعارات السياسية وتخفيف الاحتقان وخلق حالة من الاسترخاء انعسكت إيجابا على جمهور الطرفين، مؤكدين أن الانقسام المذهبي الذي تقف وراءه عناوين لبنانية واقليمية يؤدي الى غليان من شأنه أن ينتج إحتكاكات عدة في الشارع تؤدي الى ما لا يحمد عقباه لولا وجود هذا الحوار.
وتشير المعطيات الى أن الكفة ما تزال تميل للحوار الذي يريده الرئيس سعد الحريري وقد أبلغ من استقبلهم في السعودية مؤخرا بأنه متمسك بهذا الخيار الذي تدعمه الأكثرية في «تيار المستقبل».
ويقول النائب سمير الجسر لـ «السفير» انه قد يكون صحيحا أن الحوار لم يحقق تقدما في بعض العناوين الرئيسية، وهذا أمر ليس خافيا على أحد، لكن الحوار حقق في المقابل خطوات ملموسة على صعيد تبريد الأجواء السياسية واحتواء بعض الاشكالات، وكان آخرها إشكال السعديات.
ويضيف الجسر أن الحوار مستمر، وهناك قرار صادر بهذا الخصوص من الرئيس الحريري وما يزال ساري المفعول.