«اهلاً وسهلاً بجعجع إذا أراد زيارة الرابية»، هكذا ختم رئيس تكتل «التغيير والاصلاح» العماد ميشال عون حديثه بعد اجتماع التكتل عصر الثلاثاء، اما امين سر التكتل النائب ابراهيم كنعان فكان له تصريح ايجابي قبل ايام بقوله:« ما كان مرفوضاً من الطرفين اي «التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية« أصبحت هناك إمكانية لبحثه». وعلى خط «القوات اللبنانية « فهنالك إيجابية ظاهرة الى العلن، بحسب مصادر مسيحية مواكبة للخلاف بين الطرفين، خلال الحديث عن «التيار» فضلاً عن هدنة اعلامية على خط الطرفين، ما يبشر بالخير بإمكانية التحضير لحوار بين العماد عون والدكتور سمير جعجع، وسط اخبار عن إرسال موفدين بحسب ما قال النائب سليم سلهب، لكن الخبر عاد وإنقلب الى آخر، في حين ان المعلومات تؤكد وجود موفدين.
وعلى خط «القوات اللبنانية» فكان للدكتور جعجع موقف ايجابي خلال عشاء حزبي، بحيث دعا الى وضع حدّ لهذا الخلاف من خلال التوجه الى مجلس النواب لانتخاب رئيس، أو الجلوس معاً للتفاهم على إسم توافق عليه الاكثرية.
الى ذلك ترى المصادر المسيحية أنه كان على العماد عون والدكتور جعجع ان يتقرّبا منذ سنوات وليس الان، بعد تكرار الدعوات من قبل بكركي والاطراف المسيحية الى وضع السجالات جانباً في هذه الظروف الخطرة التي يعيشها لبنان والمسيحيون بصورة خاصة، معتبرة أن الدعوات التي تطلق من كل الاتجاهات السياسية في سبيل توحيد كلمة المسيحيين تكررّت بشكل لا يوصف، ومع ذلك حالت الإنقسامات العميقة دون تحقيق الحلم المنتظر بوصول مرشح رئاسي قوي مقبول من الاطراف المسيحية اولاً، فيما على الخط المقابل يبقى سعي بعض الوسطاء قائماً بحثاً عن مرشح باهت اللون سياسياً لكي يدير الأزمة ولا يحّلها، كما يفعل النائب وليد جنبلاط من خلال ترشيحه للنائب هنري حلو كي يتحّكم هو بالبلد، بمعنى ان خلافات القطبين اي عون وجعجع سمحت لجنبلاط بترشيح شخص يضعف دور المسيحيين من جديد في ظل هذه الظروف الدقيقة المحتاجة الى تضامنهم وقوتهم اكثر من اي وقت مضى، اي من خلال التنازل عن المصالح الخاصة امام مصلحة لبنان ككل.
وشددت هذه المصادر على ضروة ان يتّحد المسيحيون حين يتعلق الامر بمنصب هام كالرئاسة الاولى، لان هذا المشهد نراه دائماً لدى الطوائف الاخرى بحيث يحّلون هذه المسائل من خلال موقف موّحد، وإنطلاقاً من هنا فنحن نؤمن بالتعددية كمسيحيّين، لكن التوافق السياسي ضروري، وفي حال لم تتحقق هذه الآمال فإننا نتخوف من حدوث شرخ لا يلتحم ابداً بين الاطراف المسيحية، والحل الافضل اليوم هو الوصول الى وحدة في المواقف الهامة، وليحاربوا بشتى الاساليب لوصول مرشح توافقي قوي قادر على إستيعاب الجميع من خلال إنفتاحه عليهم، وبالتالي محاورة كل الاطراف وإعادة الحق الى اصحابه.
ورأت أن الحوار المرتقب بين تيار المستقبل وحزب الله سارع في تقارب عون – جعجع، ما جعلنا نستفيد من هذه الخطوة، مشيرة الى ان عون وجعجع متخوفان الان من سحب الورقة الرئاسية من ايديهم وهذا يعني انهزامهما وبالتالي إنهزام المسيحيين وهذا معيب بحقهما اولاً وبحق المسيحيين ثانياً. وتوجهت بدعوة القطبين المسيحيين الاخرين أي الرئيس امين الجميّل والنائب سليمان فرنجيه للمساهمة ايضاً في هذا الانفتاح، لان الوضع لم يعد يُحتمل، اذ وصلت اوضاع المسيحيين الى الهلاك. مبدية اسفها الشديد من مشهد شد الحبال والنقاش والجدال بين الأطراف المسيحية، اذ ان البعض لا يستمع الى خطابات البطريرك بشارة الراعي التي تدعو الى توحيد الكلمة، بعد ان اصبح الموقع الرئاسي الاول محتاجاً دائماً الى دعم الطائفتين الشيعية والسّنية وصولاً الى موافقة وليد جنبلاط، فيما الطائفة الاساسية مغيّبة بسبب تناحراتها السياسية التي لا تنتهي، والمطلوب تزكية الاقطاب المسيحيين الذين يصعب فوزهم بالرئاسة للاعتبارات السياسية المعروفة لمرشح قوي وسطي مقبول من قبلهم اولاً.
ولفتت المصادر المسيحية أن أولى قواعد التوافق بين تيار المستقبل وحزب الله خلال حوارهما المرتقب، هو تخليهما عن المرشحين عون وجعجع اللذين يعتقدان أن حلفاءهما يؤيدونهما في الوصول الى كرسي بعبدا، فيما الحقائق تؤكد عكس ذلك، لذا عليهما ان يستيقظا من احلامهما الرئاسية، وقالت: «اذا كان هدف حوار المستقبل- حزب الله تسمية الرئيس المرتقب، فبالتأكيد لن نقبل بذلك لان الممّر إجباري على خط الاقطاب المسيحيين، وعلى الكتل المسيحية ان توافق على الرئيس ولا يجب ان يتفرّد احد بهذه التسمية»، مبدية ارتياحها لان الحراك على خط الرابية – معراب بدأ بهدف إستعادة المبادرة المسيحية في الملف الرئاسي، اذ ان التمديد الثاني للمجلس النيابي أشعر المسيحيين بأنهم اصبحوا خارج معادلة القرار، ما جعل عون وجعجع يستفيقان ولو متأخرين للعودة الى موقعهما، وبالتالي إعادة موقع المسيحيين من جديد. وختمت: لقد افادنا حوار المستقبل وحزب الله، ويا ليت هذا الامر حصل بينهما منذ سنوات.