على الرغم من تعدّد اللقاءات بين مسؤولي تيار المستقبل وحزب الله، يستمر الخطاب الناري المتبادل سيّد الساحة السّنية – الشيعية كل فترة، ما يعيد الوضع الى نقطة الصفر ويزيد في المسافات السياسية المتباعدة بينهما، والنتيجة كالعادة لا حلول عملية، بل تخفيف احتقان في شارعهما كما تقول اوساط التيار والحزب، خصوصاً في المناطق المختلطة البقاعية، ما جعل مصادر سياسية مراقبة لحوار الطرفين تصف المشهد بأنه ليس اكثر من لقاء امام عدسات المصورين، يحوي الكثير من الكلام المنمّق بين الخصمين، فيما الحقيقة احتقان كبير وخصومة سياسية لا تمحى من الاذهان بين ليلة وضحاها، وإن عملت بعض التغيّرات السياسية الاقليمية على تقريب وجهات النظر بينهما، لكن الكيمياء السياسية ستبقى غائبة، وهذا يؤكد أن الفريقين يعيشان في معسكرين مختلفين على الرؤية السياسية، وتأتي في طليعتها النظرة المختلفة الى السلاح، لذا فالمسافات ستبقى بعيدة حتى ولو تم الانفتاح السياسي بين السعودية وايران وبشكل كبير.
الى ذلك تشير المصادر المراقبة الى ان الحراك الداخلي – العربي – الاقليمي، الذي شجّع على الحوارات بين كل الافرقاء منذ ما يقارب العام، لم ينجح في إطفاء النار الموجودة تحت الرماد بين المستقبل وحزب الله، على الرغم من الجهود التي يقوم بها رئيس مجلس النواب نبيه بري والاستنفار الذي بدأه من سويسرا، لتحديد موعد جديد للقاء بعد السجالات المتبادلة بين الطرفين منذ ايام.
في غضون ذلك ذكّر مصدر نيابي في تيار «المستقبل» بأنهم كتيار قبلوا الحوار غير المشروط مع حزب الله، بسبب الظروف الخطرة التي يعيشها لبنان، لان الهدف إزالة الاجواء المتشنجة على مستوى الشارع الاسلامي، وذلك بدعم من السعودية وايران، ولم يطرحوا أي بند خلافي اساسي مع الحزب، لان المهم لدينا ترطيب الاجواء السياسية وإبعاد التشنج، لان الناس محبطون ولم ينسوا بعد ما حصل في 7 ايار، لكن نحن «عضينا على الجرح»، ومع ذلك ما زلنا نتلقى السهام تلو السهام، لافتاً الى ان شعار تيار «المستقبل» كان ولا يزال وسيبقى الاعتدال لانه مصدر قوة للبنان، وبالتالي فمعادلتنا ستبقى: «الشعب والجيش والاعتدال»، بعد أن سقطت المعادلات الاخرى، لاننا نهدف الى حوار ينطلق من إيماننا بأن مصلحة لبنان هي الأهم، وبأن لا وجود للمصالح الخاصة والهدف كسر الجليد، لذا لا نعوّل ابداً على نتائج ايجابية، لان لا حل معهم إلا بانتهاء حزب الله عسكرياً وحينذاك سنعتبر الحوار وارداً في الاطار الجدّي والفعلي.
وحول توقيت جلسة الحوار المقبلة، قال المصدر: «ستعقد في 27 تشرين الاول في عين التينة، لان اتصالات الرئيس بري عملت على تهدئة الوضع، لذا سنواصل الحوار مع تأكيدنا «بأنو مش رح يطلع منو شي».
وعن اعتبار البعض أن لقاء – الحريري – نصرالله هو الضمانة الوحيدة لإنجاح الحوار، لفت الى عدم ترّقب أي لقاء بين الرجلين، فهذا مستبعد جداً جداً، مذكّراً ببيان كتلة المستقبل الذي ورد عصر الثلاثاء: «عندما نريد الخروج من الحوار، نخرج كما دخلنا وبالمعايير نفسها وبقرارنا وليس بقرار غيرنا»، واشار الى اننا انطلقنا في الحوار تحت عنوان واحد هو «كيفية تأمين حماية الدولة اللبنانية»، لانه البند الاساسي على جدول اعمال هذا الحوار، لكن ما الذي حصل؟ لا شيء بل لقاءات صورية لا تفيد»، مما يؤكد أن منسوب التفاؤل لن يرتفع في أي مرة وبعلم الفريقين، لاننا سنتفق على عدم الخصام فقط لا غير، لكن ما يجري في النفوس سيبقى، وبالتالي لا حل إلا بطلب اقليمي فعّال للبدء بمصالحة جدّية لجمع أوصال الساحة الاسلامية، وإزالة الشرخ الحاصل بعد ان وصل الى انقسامات سياسية حادة، من دون ان ننسى الخلافات القديمة التي حالت كلها دون تحقيق هذه المصالحة، لان أي حوار لا يُبنى منذ انطلاقته على اساسات متينة، سيبقى مطوّقاً بالاجواء الضبابية التي تتحّكم بها سياسة المنطقة، ولبنان كالعادة يتأثر بكل محيطه الاقليمي وهو يدفع الثمن دائماً عن الاخرين.
اما على خط حزب الله، فقد حاولنا الاتصال بنوابه ومسؤوليه إلا انهم تمنعوا عن الرّد على أي سؤال يتعلق بهذا الملف، لانهم يلتزمون بقرار الحزب، وهو عدم الادلاء بأحاديث صحفية، لكنهم ابدوا تفاؤلاً بأن كل ما هو مفيد لمصلحة لبنان سيُتابع…