IMLebanon

«المستقبل» لحوار مع «الحزب» سقفه انتخاب الرئيس

لم تكن المرة الأولى التي يعلن فيها الرئيس سعد الحريري استعداده للحوار مع الفريق الآخر، على رغم التباين والاختلاف في وجهات النظر حيال مُجمل القضايا السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية. خلاصة الأمر، تناقضٌ واضح في تطلعات كلّ فريق، الى مستقبل الكيان اللبناني، الذي يريده أو يتصوّره.

لكن في كلّ مرّة، كان التعنّت والرفض القاطع في ملاقاة لغة الحوار واليد الممدودة، سمة «حزب الله»، لاعتبارات كان يحلو له وصفها بالمبدئيّة، والتزام مقتضيات المقاومة عبر التمسك بسلاحه في سبيل مواجهة العدو الاسرائيلي اولاً، ومن ثم الخطر التكفيريّ، وعدم التحالف ثانياً مع محور «الشيطان الأكبر» الداعم الأول لاسرائيل ومخططاتها التوسعيّة والاستيطانية.

ما حصل خلال الأسبوعين الماضيين، أحدث تغييراً في الوقائع السياسية، وطرح تساؤلات حول الأسباب الرئيسة والحقيقية، التي دعت السيّد حسن نصرالله، إلى الإعلان صراحة وللمرة الأولى، عن استعداد الحزب للحوار مع تيار «المستقبل»، وتوجيه التحيّة والتقدير إلى الرئيس الحريري على موقفه وطريقة تعاطيه مع الأحداث الأمنية الأخيرة في طرابلس والشمال.

حوار من أجل الرئاسة

تساؤلات محقّة يراها البعض، خصوصاً أنّ تيار «المستقبل» ورئيسه، منذ اعلانه الموافقة على المشاركة في حكومة واحدة مع «حزب الله» تحت عنوان «ربط النزاع»، لم يحد «قيد أنملة» عن مواقفه الأساسيّة، ومنها دعم الثورة السورية وحق الشعب السوري في تقرير مصيره، ومطالبة «حزب الله» المتكررة بتسليم سلاحه إلى الجيش، وحصر السلاح في يد الأجهزة الأمنية الشرعيّة، وغيرها من ثوابته السياسية.

فما الذي تبدّل في المشهد السياسي وجعل «حزب الله» يتراجع عن رفع السقوف العالية، في وجه أيّ مبادرة حوارية او إنقاذية، تساوي بين كل الفرقاء السياسيين؟ وهل سيسلك فعلاً الحوار بين «حزب الله» و»المستقبل» طريقه بنجاح؟ وما هي النتائج المتوخاة منه؟

مصادر مطلّعة في تيار «المستقبل» توضح أنّ أيّ حوار هو تحت سقف انتخاب رئيس جديد للجمهورية في أسرع وقت ممكن، ومن ثم الاتفاق او مناقشة بقية القضايا، وتؤكد لـ«الجمهورية» أنّ «تيار «المستقبل» لم يتراجع عن أيّ مطلب في سبيل إنضاج الحوار، والدليل على ذلك ما نصّ عليه البند السابع والأخير في المبادرة التي أطلقها الرئيس الحريري، والذي للأسف عُتّم عليه قصداً، بُغية القول لاحقاً عبر الاعلام إنّ «المستقبل» تراجع عن مواقفه أو ثوابته.

والبند يقول إن «لا بديل عن تحييد المسألة اللبنانية عن المسألة السورية، وتعطيل خطوط الاشتباك الأمني والعسكري بينهما، سواء من خلال ضبط الحدود ذهاباً وإياباً في وجه كل الجهات المعنية بالتورط بلا استثناء، او من خلال وضع اليد بإحكام على ملف النازحين، وهي مهمات تتطلب توافقاً وطنياً واسعاً، وإرادة حكيمة في مقاربة الأزمة القائمة، وشجاعة في اجراء مراجعة نقدية لتجربة السنوات الاخيرة، وقراءة الأخطاء على حقيقتها ومواجهتها بما تستحق من قرارات».

لا زمان ومكان للحوار

هذا الأمر يشير وفق المصادر إلى أنّ «الحريري مصرّ على أن لا حلّ قبل خروج «حزب الله» من المستنقع السوري والعودة الى لبنان لمواجهة التحديات المتوقعة بالشراكة مع جميع اللبنانيين».

وتعتبر أنّ موقف نصرالله الايجابي من «المستقبل» والرئيس الحريري بعد أحداث طرابلس واستعداده للحوار «ليس إلّا اشارة ايرانية مواكبةً لمفاوضاتها النووية مع دول (5+1)، والتي ستنتهي في 24 الجاري، فإن سلكت المفاوضات الطريق الايجابي، قد يتقدّم الحوار داخلياً عبر الانتقال للبحث جدّياً في الاستحقاق الرئاسي، من خلال طرح الأسماء التوافقيّة. أما في حال فشلها، فستعود الأمور محليّاً الى نقطة الصفر.

وتؤكد المصادر أنّ أجواء الرئيس نبيه برّي التفاؤلية التي لا تشير المعطيات المتوافرة لدينا عن واقعيّتها، «تأتي في السياق نفسه، وتتناغم مع موقف «حزب الله».

في كلّ الأحوال، تقول مصادر قياديّة في «المستقبل» إنّ مبادرة الحريري لم تكن موجّهة الى فريق سياسيّ محدّد، بل كانت مطروحة أمام جميع الفرقاء المحليين.

يبقى انتظار يوم 24 تشرين الثاني، لمعرفة أفق الحوار الذي يحاول البعض التسويق له، على رغم أنه لم يحدّد لغاية اليوم موعده، ومكانه، والشخصيات المشاركة فيه، أو أقلّه مستوى التمثيل!

ثمّة مَن يقول إنّ كلّ المعطيات المتوافرة حتى اليوم، تشير الى أنّ اللبنانيين سيشهدون في اليوم التالي لانتهاء المفاوضات النووية الايرانية تغيّراً في مجريات الأحداث، وتبدّلاً في المشهد الاقليمي… تابعوا مجريات ووقائع المحكمة الدولية!