Site icon IMLebanon

المستقبل» يتخبّط… وحزب الله يُعالج الاخفاقات في المناطق

اجواء الجلسة الحوارية التاسعة والعشرون بين حزب الله وتيار المستقبل كان لها «نكهة» جديدة ومقاربة مختلفة لكل ما سبقها من جلسات، لا يرتبط الامر بمواضيع البحث التي لم تغادر مربع التواصل للحفاظ على الحد الادنى من الاستقرار العام في البلاد دون مقاربة جادة للمواضيع الخلافية التي بقيت على حالها دون ان يتزحزح اي من الطرفين عن ثوابته الرئاسية او النيابية، الجديد كان في «الشكل» وليس «المضمون»، كان واضحا اهتزاز ثقة وفد تيار المستقبل بنفسه بعد خروجه من استحقاق الانتخابات البلدية «مسخنا بالجراح»، من الواضح ان حواره مع حزب الله قد اصبح اكثر سهولة بالمقارنة مع الهموم التنظيمية والنكبة السياسية الناتجة عن «زلزال» طرابلس والشمال عموما والتي سبقتها الهزات المتلاحقة من بيروت والاقليم وسائر المناطق التي نزعت «ورقة التوت» الاخيرة عما كان يقال همسا عن ازمة كبيرة وحقيقية بين قيادة «التيار الازرق» وجمهوره…

طبعا تحضر المقارنات «بصمت» بين وفدي الحوار، قد تكون «لغة العيون» اكثر تعبيرا من «الكلام»، وفد حزب الله يدخل الى عين التينة مرتاحا لنتائج تحالفه مع «صاحب الدار»، في المقابل يشعر محاوروا المستقبل بنظرات «دونية» من اقرانهم بعد خيبات الامل المتلاحقة، لم تحضر «الشماتة» وانما حضر السؤال «المكتوم» عما تنتظره القيادة «الزرقاء» لتتحرك باتجاه سياسات عاقلة بديلة عن «العقم» الذي يمارس حاليا على طريقة «نكاية بالطهارة..»طبعا وبحسب اوساط 8آذار،سيبقى تيار المستقبل حتى اشعار آخر «العنوان» المفضل لدى حزب الله باعتباره اكثر الاحزاب تمثيلا للسنة في لبنان، ولكن الندية في الحوار تحتاج الى مراجعة عميقة من قبل «التيار الازرق» لاثبات جدارته في شارعه كي لا يكون النقاش دون جدوى، فاي حوار ناجح يحتاج الى ترجمة عملية ولا تكفي التفاهمات في «الغرف المغلقة»، وامام قيادة المستقبل عمل شاق لاستعادة ثقة جمهورها «الغاضب»، لكن تبقى المعضلة في غياب استراتيجية واضحة لدى الرئيس سعد الحريري الذي لم يحير محازبيه وانصاره فقط وانما اعضاء كتلته النيابية والمكتب السياسي وقيادات المناطق غير القادرين على تسويق اي من الخيارات والقرارات المتخذة دون ان يكلف الحريري نفسه عناء شرح الاسباب والموجبات…

وفد حزب الله دخل الى اللقاء وفي جعبته «تعميما» داخليا صادر عن الامين العام السيد حسن نصرالله يضع موضع التنفيذ «غضبه» من ظاهرة اطلاق النار العشوائي «حزنا» او «فرحا»، ثمة قرار تنفيذي صدر بطرد اي حزبي يمارس هذه الظاهرة «المحرمة شرعا»، دون تعويض او حقوق ستسقط عنه فورا…ومهمة ملاحقة المخالفين على القوى الامنية ..قيادة الحزب بدأت ايضا اجراءات فورية وتنفيذية لمعالجة اخفاقات بعض قيادات المناطق في الانتخابات البلدية..في المقابل لا يزال «التخبط» «والضياع» يحكمان تصرف قيادة المستقبل غير القادرة حتى على تسويق نجاح وزير الداخلية نهاد المشنوق في اتمام العملية الانتخابية كانجاز يسجل له شخصيا او لتياره السياسي، فرغم محاولة «سرقة» الانجاز يعرف القاصي والداني، ومن تابع الاتصالات السياسية قبل الاستحقاق انه لولا «الضوء الاخضر» الذي منحه قائد الجيش العماد جان قهوجي، وتاكيده الجهوزية الامنية العالية المستوى لضباط وعناصر الجيش، ما كان الاستحقاق ليحصل، فالجهوزية الادارية لا تكفي لتحقيق انجاز، الامر يحتاج الى منظومة امنية ناجحة كي يتحقق، ووحدها المؤسسة العسكرية قادرة على تأمين ذلك..

وفي هذا السياق، فان الاسئلة الكثيرة التي تحتاج الى اجابات لا تنتهي داخل «التيار الازرق»،وتتعلق بمعظمها بتقديم الحريري مصالحه الشخصية المرتبطة بالازمة المالية على ما عداها، ووفقا لاوساط شمالية مطلعة، دار نقاش «ساخن» دار قبل ساعات بين قيادات مستقبلية على خلفية الهزيمة المدوية في طرابلس، تساءلت قيادات شمالية غاضبة في حوار مع الامين العام لتيار المستقبل احمد الحريري عما يفعله «الشيخ سعد» في الكويت وعن اهمية الزيارة الى تركيا، وقبلها الى موسكو، اذا كانت المناطق المحسوبة «علينا» تتساقط الواحدة تلو الاخرى، هل ستؤمن له تلك الزيارات استعادة القاعدة الشعبية المنهكة والساخطة بسبب الاهمال المتمادي ماليا وتنظيميا؟ ام ان المهم والاولوية الان لتامين اسواق جديدة تنقذ الشركات المتعثرة؟ لم ينته النقاش عند هذا الحد بل طالت الاتهامات ايضا الامين العام للتيار الذي لم يحضر هذه المرة الى فندق «كوالتي ان»، ولم يتعب نفسه في التواصل مع القاعدة الشعبية الشمالية، فلا اموال ولا موازنات ولا من «يحزنون»، وكان الاتكال على ماكينة «خصم» الامس الرئيس نجيب ميقاتي ومن معه من قيادات شمالية، لم يشرح تيار المستقبل الاسباب الموجبة للتحالف معها..فهل من داع للاستغراب كيف انفض الجمهور من «حولنا»…؟

وبحسب المعلومات فان قيادات المستقبل الشمالية رفضت ان يحملها احد اي مسؤولية ما حصل من «خطايا» تتحمل مسؤوليتها القيادة المركزية في بيروت، وكان منسقو طرابلس «المستقبليون»، قد لفتوا نظر من «طبخ» اللائحة الائتلافية بان الاسماء المتبناة لا تعكس نبض الشارع الطرابلسي وتحتاج الى تعديلات جوهرية، لكن استسلام الحريري لرغبات الرئيس ميقاتي، كونه تولى مهمة «الصرف» على اللائحة وتحمل عبء الماكينة الانتخابية، مراعيا وضعه المالي الصعب، ادى الى اهمال تلك الملاحظات والاحتجاجات، فانعكس ذلك برودة وقلة حماسة لدى هؤلاء في التسويق للائحة غير مقنعة، وانجرف جمهور المستقبل وراء شعارات اللواء اشرف ريفي «الناقمة» على اداء قيادة المستقبل، فوقعت «الكارثة»…

وتلفت تلك الاوساط، الى ان من انتصر في طرابلس ليس «التطرف»، فالتعبئة التي مارسها ريفي ضد حزب الله ورموز 8آذار، لم تكن وراء فوزه في الانتخابات، ومن يقول ذلك لا يفقه كثيرا بالمعطيات على ارض الواقع، الامر الاساسي يرتبط «بالنقمة» المشتركة على «القيادة الزرقاء» المتهمة باستغلال ابناء طرابلس في زمن الحرب والتخلي عنهم في زمن السلم، ومعظم ابناء المدينة لم ينسوا ان الحريري تخلى عن ابنائهم، «زعماء المحاور»، وتبرأ منهم بعد ان انتهى توظيفهم سياسيا في «لعبة» ادركوا متأخرين ان «لا ناقة» لهم فيها «ولا جمل»، وبالتالي يمكن القول ان الحريري سقط في الاختبار لكن لم ينجح التطرف وانما من نجح هو «السخط» على زعمات سياسية اصاب بعضها الغرور، وبعضها الاخر «العمى» السياسي وقلة الوفاء، وكل هذا لا يصنع من ريفي زعيما..

ووفقا للمعلومات فان النقاش داخل التيار الازرق يدور حول تحليل ظاهرة ريفي الذي كان اكثر المتفاجئين من النتيجة، وثمة خلاف ايضا بين قيادات شمالية تحذر من اهمال ظاهرة وزير العدل وبين القيادة في بيروت التي ما تزال عند رأيها بان «ثوب الزعامة» فضفاض ولن يتمكن ريفي من ارتدائه، ثمة رهان على دور سعودي لاعادته الى «بيت الطاعة» عبر اقناعه بان لا مستقبل له اذا ما اصر على الاستمرار في التنكر لماضيه، ومواجهة «تيار المستقبل» او التفكير بوراثة تركته، «الانتهازية» في تيار المستقبل دفعت البعض للحديث عن تفاؤل ورهان على استيعاب الحالة المتمردة، وبعدها سيتم «تسييل» الانتصار وتجييره للحالة «الزرقاء»… انه النهج «العقيم» نفسه، واذا ما استمر فان لا امل في خروج تيار المستقبل من ازمته قريبا…