ترحيل استحقاقات الحوار والرئيس إلى أيلول يعكس عمق المأزق
«المستقبل» يطوي صفحة عون ويرحّب بإنتخابه إذا فاز بالرئاسة
مع انسداد مخارج الحل في ما يتصل بالاستحقاق الرئاسي، بعد إخفاق النواب في انتخاب رئيس جديد للجمهورية للمرة الـ43، في مقابل تأكيد رئيس مجلس النواب نبيه بري أن لا انتخاب لرئيس الجمهورية، إذا لم يتم التعامل مع «السلة» التي طرحها ككل، يمكن القول إن الأمور عادت إلى نقطة الصفر ولا يظهر أنه بالإمكان تجاوز العقبات الكثيرة التي لا زالت موجودة على طريق هذا الاستحقاق، طالما أن «حزب الله» مصر على هذه السلة، في إطار اتفاق شامل يسعى إليه على غرار اتفاق الدوحة، يتضمن رئاسة الجمهورية وقانون الانتخابات والحكومة، في حين أن قوى «14 آذار» لا تبدو متحمسة كثيراً للعودة إلى تكرار تجربة الدوحة وإن كانت لبنانية هذه المرة، بحيث أنها تشدد على ضرورة انتخاب رئيس جديد للجمهورية وفق الآلية الدستورية، وليس عبر محاولة فرض، كما يسعى «حزب الله»، ومن ثم يصار إلى الاتفاق على قانون الانتخابات ليجري الاستحقاق النيابي على أساسه، على أن يتم الالتزام بالخطوات الدستورية فيما بعد لتشكيل الحكومة.
ويظهر بوضوح أن تأجيل الحوار إلى 5 أيلول المقبل وجلسة الانتخابات الـ44 إلى 7 منه، يعكس عمق المأزق وغياب الحلول، ما يجعل هذه المرحلة لتقطيع الوقت ليس إلا، بعد التباعد الواضح في مواقف الأطراف، مع ما سيتركه ذلك من تأزيم للوضع وإفساح المجال أمام عودة السجالات والاتهامات المتبادلة بالتعطيل واستحضار الأزمات الإقليمية التي تزيد التوتر الداخلي وتبعد الحلول أكثر فأكثر، بعدما أكد كل فريق تمسكه بمواقفه ورفضه تقديم تنازلات تساعد على تقريب وجهات النظر من الاستحقاق الرئاسي الذي لا يزال أسير المصالح المتضاربة، كما هي الحال بالنسبة إلى قانون الانتخابات الذي يريده كل طرف على قياسه وليس على قياس مصلحة البلد والتمثيل السليم الذي يعطي كل ذي حق حقه. فبعد الحديث عن أن شهر آب سيكون شهر تسهيل الولادة الرئاسية، بدا أن الأزمة على حالها من التعقيد، وليس هناك في الأفق ما يشير إلى انفراجات قريبة، فـ«تيار المستقبل» أكد استمراره في ترشيح رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية، قاطعاً الطريق على أي تأويلات لمصلحة انتخاب عون، وهو ما كشفته الاجتماعات الأخيرة لـ«كتلة المستقبل» النيابية، حيث كان إجماع من جانب نواب الكتلة على عدم السير بترشيح رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون، حليف «حزب الله» الذي تسبب بالفراغ الرئاسي منذ ما يقارب سنتين ونصف السنة وتعطيل مجلسي النواب والوزراء، وبعبارة أوضح فإن «تيار المستقبل» وكما يقول أحد نوابه لـ«اللواء»، قد طوى صفحة عون، مع التأكيد في المقابل على أن نواب «المستقبل» لن يتغيبوا عن أي جلسة انتخاب وسيرحبون بانتخاب عون، إذا نال 65 صوتاً من أصوات النواب، أما أن يحاول «حزب الله» وبعض حلفائه الضغط على القوى السياسية والكتل النيابية لفرض اتفاق الإذعان، كما أشار إلى ذلك الرئيس فؤاد السنيورة، فيقول المصدر النيابي، إن هذا الأمر لن يتم وسيواجه بكل الوسائل الديموقراطية، لأن التجربة أكدت استحالة أن يقبل اللبنانيون بسياسة الفرض والكيد، باعتبار أنها أقصر الطرق إلى عودة العنف الذي انقضى إلى غير رجعة، وبالتالي فإن الأجدر بالمعطلين أن يكفوا عن الاستمرار في هذه السياسة وولوج طريق الحوار والتفاهم مع شركائهم في الوطن، لتسريع خطوات الحل والسير به، انطلاقاً من التوافق على رئيس جديد للجمهورية وإزالة العقبات من أمام إقرار قانون عصري للانتخابات النيابية، يؤمن تمثيلاً صحيحاً ولا يشكل تحدياً لأحد، لأن الدوران في الحلقة المفرغة والسعي إلى فرض الإملاءات والشروط، لن يكونا في مصلحة أحد وسيغرق البلد في مزيد من المشكلات التي لا تنتهي، خاصة وأن المعرقلين يعملون لربط ما يجري في لبنان، بأزمات المنطقة واستثمار نتائجها في إطار مخططاتهم وأهداف مشروعهم.