Site icon IMLebanon

القوات ـ المستقبل: انطلاق قطار التهدئة

بدأت محاولات تبريد التوتر بين القوات اللبنانية وتيار المستقبل. أولى إشارات التبريد بدأت مع نعي وزير الداخلية نهاد المشنوق مبادرة الرئيس سعد الحريري. يبدو كل من الطرفين محكوماً بالعلاقة مع الآخر

كبّر رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع الحجر وقطَف ثمار ذلك بأقل خسائر مُمكنة. «حكاية» ترشيحه العماد ميشال عون، بحسب مصادر في 14 آذار، ليست إلا «فتّيشة». لكنها أرغمت تيار المستقبل، بلسان الوزير نهاد المشنوق، على نعي «مبادرة» دعم ترشيح النائب سليمان فرنجية، من قلب معراب نفسها التي ظنّ الرئيس سعد الحريري أن في الإمكان تجاوزها رئاسياً.

أراد «الحكيم» أن يقول للحريري: «إذا كان حزب الله يعتبر أن طريق بعبدا تمُر بالرابية، فعليك أن تعي بأنها تمُر أيضاً في معراب»!

زيارة المشنوق لمعراب، التي تلتها أمس زيارة النائب باسم الشاب، أولى محاولات التهدئة وإشارة إلى أن قطار ترميم العلاقة المستقبلية مع القوات انطلق فعلياً، خصوصاً أنه سمع منهما تأكيدات بأنه لا يزال مرشح 14 آذار! لكن ماذا بالنسبة إلى جعجع وتحالفه المستجدّ مع عون، وتأثير ذلك على علاقته بالحريري؟

يؤكّد آذاريون دخلوا على خطّ التهدئة المستقبلية ــــ القواتية أن «جعجع لم يُفكر في ترشيح عون من باب النكاية». وهو أراد أن «يبعث برسالة واضحة إلى الجميع مفادها أنه قادر على ضرب أي مبادرة لا تحظى برضاه»، وأن يقول إنه «في مقابل تبنّي الحريري لفرنجية، يحق له التصرّف بما يراه مناسباً لحزبه ولقاعدته». وهو بنى استراتيجيته هذه على اعتبارات ثلاثة: أولها «الحساب المسيحي، الذي لا يسمح لجعجع بقبول خروج عريس رئاسي إلا من بيت المسيحيين، وليس من تقاطع بيتين مسلمين يمثلهما حزب الله وتيار المستقبل». والثاني من أن «التلويح بالترشيح، مجرّد موقف يسلّفه لعون وشارعه المسيحي، على أن يعود ويسترّده عند أي استحقاق آخر». أما الثالث والأهم، فهو «اقتناع جعجع منذ البداية بهشاشة المبادرة، وتفهّمه لحدود اللعبة، مستغلاً إياها لتحصين وضعه في الشارع المسيحي العوني الذي بات يهضمه أكثر من فرنجية».

ليس لأيٍّ من المستقبل أو القوات القدرة على استغناء أحدهما عن الآخر

في النتيجة، وبعد التراجع المستقبلي المُعلن، تبقى ثلاث نقاط يعوّل عليها الآذاريون في حديثهم عن التهدئة، وهي أن «لا مبادرة رئاسية، ولا انفجار داخل فريقنا، واجتماعات مكثفة لتقريب وجهات النظر بين المستقبل والقوات». ورغم تكتّم الفريقين على المسار التهدوي، أكدت مصادر آذارية أن اللقاءات التي تعقد في بيت الوسط بين الرئيس فؤاد السنيورة والنائب جورج عدوان مستمرة، في حضور منسق الأمانة العامة فارس سعيد. وهذه الاجتماعات تقوم على قاعدة واحدة، وهي أنّ «من المبكر الذهاب نحو اشتباك قواتي – مستقبلي، طالما أن لا مبادرة قائمة في الأفق». ويذهب هؤلاء أبعد من الإطار النظري باعترافهم بأن «ليس للمستقبل ولا القوات اللبنانية الحق ولا القدرة على الانفصال على حليفه، لأنه لن يكون بمقدوره العيش منفرداً في السياسة»، فمن هو الفريق الذي سيستقبل الحريري أو جعجع إذا قرر أحدهما الخروج من 14 آذار؟ صحيح أن «الحريري قادر على التفاهم مع الفريق الآخر على نقاط مشتركة، لكن هذا التفاهم لن يرقى إلى درجة التحالف، كما أن ليس بإمكانه خوض معركة من دون حليف مسيحي قوي». وتسري هذه القاعدة أيضاً على «الجانب القواتي».

إذاً القوات والمستقبل، بعد تراجع الأخير عن مبادرته، ليسا في وارد فرط العلاقة الثنائية على ما تقول مصادر 14 آذار. ليست هي المرة الأولى، وقد لا تكون الأخيرة التي سيقف فيها الطرفان في مواجهة بعضهما البعض. لكن دقة المرحلة «لا تحتمل استخدام كل طرف منهما لأوراق القوة بين يديه في سبيل إخضاع الآخر، إلا إذا ارتضى أن تكون نهايته السياسية».