أنهى الاشتباك السعودي ـ الايراني على خلفية قيام المملكة بإعدام الشيخ نمر باقر النمر، مرحلة الهدوء بين «تيار المستقبل» و «حزب الله» والذي أسفر عن تفاهمات معلنة وغير معلنة خلال الجلسات الأربع الأخيرة للحوار الثنائي بين الطرفين، بفعل تلاقيهما مرحليا على بعض القواسم المشتركة، والتزام كل منهما بعدم اختراق سقف المواقف السياسية التي كانت تستلزم في الجلسات الأولى وقتا كبيرا من التوضيحات والمعالجات.
وتتجه الأنظار الى جلسة الحوار بنسختها الـ 23 التي من المفترض أن تنعقد يوم الاثنين المقبل في عين التينة، والى مدى انعكاس الاشتباك الاقليمي والسجال الداخلي عليها، في وقت لم يصدر فيه أي موقف من الطرفين حول الحوار الثنائي أو إمكانية إيقافه أو حتى تأجيل الجلسة المقبلة، حيث تشير مصادر مواكبة الى أنه ما يزال هناك متسع من الوقت، ولا أحد يعلم كيف ستكون التطورات، لافتة الانتباه الى توافق الطرفين على فصل الحوار عن كل الأحداث، علما أن أساس هذا الحوار هو معالجة الاحتقان الذي يمكن أن ينتج عن الخلافات في المواقف السياسية.
وفي هذا الاطار، تستبعد مصادر مطلعة في تيار «المستقبل» أن تتأثر جلسات الحوار الثنائي بالمستجدات الاقليمية والمحلية، لافتة النظر الى أن السيد حسن نصرالله رفع السقف السياسي كثيرا بوجه السعودية، لكنه في النهاية توجه الى جمهوره بضرورة التهدئة وضبط النفس وعدم الانجرار الى أي فتنة، وكذلك فعل الرئيس سعد الحريري الذي رد على نصرالله بقوة، لكنه شدد أيضا على ضرورة الالتزام بالتهدئة.
وتؤكد هذه المصادر أن كل الأطراف في لبنان ما تزال تحرص على عدم نقل الصراع الى الشارع اللبناني، لأن ليس لأحد أي مصلحة بضرب الاستقرار الذي من شأنه أن يجعل البلد مفتوحا على أسوأ الاحتمالات في ظل البركان المشتعل من حوله، ووجود الارهاب على حدوده، متوقعة أن تعقد جلسة الحوار رقم 23 في موعدها، وأن يصار خلالها الى البحث في المواقف السياسية التي نتجت عن الاشتباك السعودي ـ الايراني إثر إعدام الشيخ النمر والتصريحات والتصريحات المضادة، إضافة الى استكمال البحث في جدول الأعمال الدائم المتعلق بتخفيف الاحتقان، وقطع الطريق على الفتنة، والفراغ الرئاسي.
ويقول عضو فريق «المستقبل» على طاولة الحوار النائب سمير الجسر لـ «السفير»: «ليس من المفروض أن يتأثر الحوار الثنائي بالمستجدات السياسية، وبطبيعة الحال فان كثيرا من الجلسات التي عقدت سابقا، كانت تبدأ بمعالجة تداعيات المواقف السياسية النارية التي كانت تصدر بين الجلسة والأخرى».
ويرى الجسر أنه «من الطبيعي أن يصار الى البحث في التطورات الاقليمية الأخيرة وانعكاسها على لبنان، إضافة الى البند الأساسي المتعلق برئاسة الجمهورية التي خطت خطوة متقدمة من خلال ما طرحه الرئيس سعد الحريري حول ترشيح النائب سليمان فرنجية، وأعتقد أن إعدام الشيخ النمر في السعودية لم يعدم هذا الطرح الذي سيستكمل بمزيد من المساعي والاتصالات والحوار بين مختلف الأطراف المعنية التي يجب عليها أن تتحمل مسؤولياتها تجاه وطنها والفراغ الرئاسي فيه».
ويشدد الجسر على ضرورة «تفعيل العمل الحكومي مع إنطلاق العام الجديد من أجل معالجة الكثير من الأزمات التي بدأت ترخي بثقلها على الشعب اللبناني نتيجة الشلل المسيطر على كل مؤسسات الدولة»، مؤكدا أن «هذا الأمر لا يُبحث في الحوار الثنائي، وإنما مكانه على طاولة الحوار الأكبر الذي يدعو إليه الرئيس نبيه بري».
ويلفت الجسر الانتباه الى أن «ثمة تبدلا في موقف قوى 8 آذار التي بدأت تسعى الى تفعيل العمل الحكومي وتحاول إقناع بعض المعرقلين بذلك، الأمر الذي يعطي بعضا من التفاؤل بامكانية أن يعود مجلس الوزراء الى عقد جلساته مجددا».
من جهته أكد النائب أحمد فتفت أن لا نية لدى تيار «المستقبل» بوقف أي حوار، لكنه يعتبر في المقابل أن «الحوار مع حزب الله ما يزال غير منتج وهو سيبقى كذلك، لأن الحزب لا يريد ذلك، بل يستخدم الحوار كواجهة».