لا يزال اللبنانيون يتساءلون عن حقيقة موقف “حزب الله” من زعيم “التيار الوطني الحر” العماد ميشال عون، وخصوصاً في الأشهر الثلاثة الأخيرة بعد احتدام الخلاف، بل المعركة، بينه وبين “تيار المستقبل” و14 آذار ورئيس الحكومة تمام سلام حول ما سمّي التعيينات الأمنية. علماً أن الخلاف الأساسي و”أب” كل الخلافات الأخرى هو إصراره على الوصول إلى رئاسة الجمهورية والرفض القاطع لذلك من أخصامه، أو ربما أعدائه كما من عدد من “حلفائه” المهمّين. لكن القريبين منه ومن قيادته يستغربون التساؤل لأن موقفه أُعلن أكثر من مرة قبل الاحتدام الأخير المشار اليه وبعده على ألسنة نواب فيه وأعضاء بارزين كان آخرهم نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم. وأمام إصرار أصدقاء لهم على شرح الموقف المذكور وبشيء من التفاصيل قال القريبون إياهم الآتي: “العماد عون مصرّ على مواقفه كلها. في آخر اجتماع له مع الأمين العام السيد حسن نصرالله حضره “طرابيش” من 8 آذار، وكان في أوائل شهر أيار الماضي، سأله السيّد عن خياراته لمعالجة المشكلة الأخيرة المستجدّة وهي التعيينات الأمنية. أجاب: أنا عندي تصوّر. لكنني أفضّل أن أسمع خياراتك أولاً قبل عرضه. ردّ السيّد: الخيارات التي يمكن استعمالها للضغط على الحكومة كي تسير وفق رغبتك ثلاثة. الأول، استقالتنا كلنا من الحكومة وذلك يؤدي إلى فرطها. ولا مصلحة في ذلك لنا أو للبلاد. الثاني، اعتكاف وزراؤنا، لكن النتائج المرجوة من ذلك محدودة. فهو يشلّ الحكومة نهائياً، كما أنه قد يهدّد “وحدة الصف” باعتبار أن البعض من الحلفاء قد لا يقتنع بذلك. أما الخيار الثالث والأخير فهو التعطيل. ويعني حضور جلسات مجلس الوزراء والاستمرار في ممارسة المهمات الوزارية وتعطيل الإنتاجية من داخل في حال إصرار رئيس الحكومة و14 آذار على عدم التجاوب. وهذا أفضل الخيارات اذ لا “حلول” غيره ووافق الجميع عليه”.
ماذا عن موقف “حركة أمل” ورئيسها نبيه بري من هذا الخيار؟ هل قبِله بري؟ أجاب القريبون أنفسهم من “حزب الله”: “بري متفق مع عون استراتيجياً. ومختلف معه تفصيلياً وتكتيكياً. في موضوع التعطيل أبلغ الرئيس بري مَن يلزم أنه لا يستطيع أن يمشي على طول الخط بالتعطيل، وسيبقى يصرّ على أنه معه استراتيجياً. أما المشكلة المسبِّبة لـ”المعركة الأخيرة”، أضافوا “فكانت، ولا تزال، التعيينات الأمنية. كان هناك رأي دعا اصحابه إلى حلها بترك الذين اقترب سن تقاعدهم من الخدمة يتقاعدون وبتعيين مكانهم عسكريين من السلك نفسه أو الأسلاك نفسها اعتماداً على الأقدمية. وقد قبل عون ذلك. لكن “تيار المستقبل” أراد التمديد للواء ابرهيم بصبوص في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي. واعتبر أحد ممثليه في الحكومة الوزير نهاد المشنوق أن الذي سيحل مكانه وفقاً للقاعدة المذكورة ضابط مسيحي ماروني. ويمكن حلّ المشكلة للحفاظ على سنّية الموقع بوضع هذا الضابط في تصرف وزارة الداخلية وتعيين سنّي مكانه صدف أنه من طرابلس وفقاً للأقدمية. لكن وزير العدل أشرف ريفي لم يمش بذلك. فتعقّد الحل. في اختصار “المستقبل” “هلك” عون الذي صار يشعر أن لا مستقبل له في الرئاسة. سعد الحريري ساعة معه وساعة ضده. تارة يعده وطوراً ينكث بوعده له. يئس عون. طبعاً الحريري كان ولا يزال يريد حواراً مع “حزب الله” ونوعاً من التعاون، لكن تصرفه، وخصوصاً مع عون، أثّر سلباً على ذلك. طبعاً عنده رهانات على الخارج وعلى الداخل. و”الحزب” في اختصار لا يستطيع أن يخرج من عون”. لا يستطيع أن يخرج منه أو لا يريد؟ اللبنانيون يعرفون أن عون مدين بضخامة كتلته النيابية إلى شيعة “أمل” و”حزب الله” في جبيل والمتن الجنوبي والى أرمن الطاشناق الذين وقفوا معه لأسباب “أرمنية” إقليمية. ويعرفون أيضاً أنه كان ضد انتخاب سليمان في المطلق لكن السيد نصرالله “أقنعه” في اجتماع ليلي شهير. ويعرفون أخيراً أن “للحزب” على العونيين الكثير في مجال الأعمال وتوابعها. لذلك لا يمكن القول إنه لا يستطيع الخروج من عون بل لا يريد ذلك.
علّق القريبون من الحزب على ذلك بالقول: “على كلٍ خسر المسيحيون في الطائف. وعون يمثّل قسماً كبيراً منهم، ولا بد من أخذ موقفه في الاعتبار”. لو جمعتم كل المسيحيين لما استطعتم أن تعيدوا لهم الخسارة. يجب أن يقتنعوا بأن دورهم تغيّر وصار إقامة التوازن في البلاد بين السنّة والشيعة، وبذلك يحفظون مواطنيتهم وشراكتهم. رد هؤلاء: “ما تقوله صحيح. على كلٍ هناك حاجة إلى اعادة هيكلة النظام في لبنان. ونحن لن نطرح ذلك. من يريده بإلحاح فليطرحه