Site icon IMLebanon

المستقبل يلوّح بعرقلة اي قانون يفرض بالقوة

بعيدًا عن مُطالبة بعض الخبراء في القانون، بضرورة التقيّد بالمهل الدستوريّة من دون أي مُماطلة أو تأجيل، جرى التوافق على مُستوى القيادات اللبنانية على أنّ المهلة القانونيّة النهائية لسريان مرسوم دعوة الهيئات الناخبة للإنتخابات النيابية المُقبلة، تنتهي في 20 آذار وليس في 21 شباط، بذريعة أنّ الولاية المُمدّدة لمجلس النواب الحالي تنتهي في مُنتصف ليل 20 – 21 حزيران المُقبل. وسمح هذا التفسير القانوني، لرئيس الجمهوريّة بعدم التوقيع على مرسوم دعوة الهيئات الناخبة والذي حمل حتى تاريخه توقيعي رئيس الحكومة سعد الحريري ووزير الداخليّة نهاد المشنوق، من دون أن يُصبح نافذًا. فهل من أمل في أن تحمل الفترة الزمنيّة الإضافية، القانون الجديد المنشود؟

بحسب رأي مصدر نيابي مُطلع على أجواء المُناقشات الدائرة بشأن قانون الإنتخابات، فإنّ توافقًا غير مُعلن إنتشر بين الأطراف المعنيّة بأن لا إنتخابات في أيار، حتى لو جرى التوافق على قانون جديد اليوم قبل الغد، وذلك بسبب إشتراط المادة 44 المُعدّلة من قانون الإنتخابات النيابيّة، ضرورة دعوة الهيئات الناخبة قبل 90 يومًا على الأقلّ من إنتهاء ولاية المجلس القائم، وتزامُن هذا الأمر – بفعل التأخير الحاصل حاليًا، مع بدء صوم شهر رمضان الكريم في 26 أيّار على الأرجح، ومع الإمتحانات المدرسية والجامعيّة، بشقّيها الرسمي والخاص. كما أنّ القوى السياسيّة ترغب أيضًا بحد أدنى من الوقت لتحضير كوادرها ومؤيّديها للعمليّة الإنتخابيّة، إضافة إلى مُطالبة أكثر من طرف بضرورة إطلاع المُغتربين اللبنانيّين على الموعد الدقيق للإنتخابات، ليتمكّنوا من حجز بطاقات السفر وأخذ الإجازات المطلوبة، تمهيدًا للتوجّه إلى لبنان والمُشاركة في التصويت.

ورأى المصدر النيابي نفسه أنّ الأيّام والأسابيع القليلة المُقبلة حاسمة، لجهة التوصّل إلى قانون تسوية أو عدمه، مُتوقّعًا أن تتكثّف الإتصالات بين مُختلف القوى السياسيّة الأساسيّة وأن تتركّز المحادثات على مسألة قانون الإنتخابات حصرًا، ما أن يتم تجاوز ملف المُوازنة في الأيّام القليلة المُقبلة. وقال إنّ قانون الإنتخابات سيتحوّل عندها إلى ملف أوّل وشبه وحيد على طاولة البحث، إن عبر الإجتماعات بين القيادات، أو داخل جلسات متتالية لمجلس الوزراء، أو ربما عبر جلسات حوار جديدة تُعقد هذه المرّة برئاسة العماد ميشال عون – في حال إقتضى الأمر. ونبّه المصدر النيابي نفسه إلى أنّ إفشال التوافق على المُوازنة – في حال حُصوله، سيُعتبر مؤشّرًا سلبيًا جدًا بالنسبة إلى الإنتخابات، لأنّه سيُمثّل خطوة مُتعمّدة من قبل بعض الجهات السياسيّة للتهرّب من بحث القانون الإنتخابي، إمعانًا في تضييع الوقت.

وبالنسبة إلى ما يُحكى عن تقدّم على مُستوى المُحادثات، قد يُترجم قريبًا إعلانًا لقانون مُختلط، لفت المصدر النيابي عينه إلى أنّ ما يُشاع من أجواء تفاؤل لا يرتبط بالتوافق على قانون مُحدّد، بقدر ما يرتبط بالتوافق على مبدأ أن يكون القانون المُقبل قائمًا على مزيج بين «التصويت النسبي» و«التصويت الأكثري». وأوضح أنّ أطرافًا عدّة كانت تُعارض هذا المبدأ، باتت اليوم على قناعة أنّ هذا الأمر يُمثّل المخرج الوحيد المُتاح للخروج من المأزق.

وكشف المصدر النيابي نفسه في الوقت عينه، أنّ «تيّار المُستقبل» بعث عبر قنوات تواصله مع «التيار الوطني الحُر» أنّ تهديد بعض الجهات بتحركات شعبيّة لمنع إجراء الإنتخابات وفق «قانون الستّين» المُعدّل في «مؤتمر الدوحة» والنافذ حاليًا بحُكم الأمر الواقع، هو منطق ينطبق على مُطلق أي جهة فاعلة في حال عدم إشراكها بصياغة القانون الإنتخابي المُقبل، وفي طليعتها «تيّار المُستقبل» والقوى الحليفة له، والتي هي قادرة بدورها على مُقاطعة وعرقلة أي إنتخابات يتمّ تنظيمها وفق قانون لا يحظى بحد أدنى من التوافق العام، في حال إقراره بالقوّة!

وعن الحلول المُحتملة، أشار المصدر النيابي نفسه إلى أنّ وزير الخارجية جبران باسيل نجح في تسويق أكثر من خيار إنتخابي لدى أكثر من جهة سياسيّة، لكنّ التفاصيل هي التي أعادت البحث إلى نقطة الصفر في كل مرّة. وأضاف أنّ الطروحات المُقدّمة لا تقتصر على «القانون المُختلط» لجهة فوز نصف النوّاب بالتصويت الأكثري ونصفهم الثاني بالتصويت النسبي، ولكنّها تشمل خيارات أخرى مثل إختيار مجموعة من المُرشّحين وفق تصويت أكثري بداية يليه تصويت نسبي للفوز النهائي، أو بالعكس وفق تصويت أكثري بداية يليه تصويت نسبي. وأوضح المصدر أنّ الخلافات تتركّز مثلاً على مسألة النسبة المطلوبة لإنتقال أيّ مرشّح من مرحلة التصويت النسبي إلى التصويت الأكثري حيث يُطالب «المُستقبل» بأن تكون 20% بدلاً من 10%، وعلى مسألة حجم الدائرة الإنتخابيّة المطلوبة إعتمادها، حيث يُطالب «التيار الوطني الحُرّ» بأن تكون أصغر من الدوائر التي يرغب بها «المُستقبل» بينما يحرص مثلاً «الحزب التقدمي الإشتراكي» على وضع الشوف وعاليه في دائرة إنتخابيّة واحدة في حال تطبيق النسبيّة، إلى ما هناك من تباينات على مُستوى التفاصيل.

وختم المصدر النيابي تحليله بتوقّع عدم إجراء الإنتخابات وفق القانون النافذ حاليًا، وبتوقّع التمديد لفترة قصيرة للمجلس النيابي قبل نهاية ولايته. وقال: «أنا متأكّد من هذين الأمرين، وغير ذلك كل الأمور مفتوحة على إحتمالات مُتضاربة تتراوح بين التوافق قريبًا على قانون يجمع بين التصويت الأكثري والنسبي، والدخول في مرحلة فوضى وعدم إستقرار سياسي لا يُستهان بها».