طرحت التسوية التي حصلت في مجلس الوزراء، أمس، وأعطت الحكومة إجازة قسرية الى ما بعد عيد الفطر وأعادت البحث في آلية عمل مجلس الوزراء الى المربع الأول، سلسلة تساؤلات في الشارع السني لجهة: من هو المنتصر في هذه التسوية؟ وهل قدم «تيار المستقبل» مزيدا من التنازلات للحفاظ على الحكومة برئاسة الرئيس تمام سلام؟ وهل كانت التنازلات هذه المرة من صلاحيات الرئاسة الثالثة وحضورها؟ وأين هيبة مقام رئاسة الحكومة بعد التعرض لها من قبل الوزير جبران باسيل وقبول عرّابي التسوية بعدم تقديمه أي اعتذار لرئيسه؟.
تشير مصادر سياسية مطلعة الى أن «تيار المستقبل» يحصد اليوم ما زرعه عند موافقته على آلية عمل مجلس الوزراء في مرحلة مشروع الوفاق بين الرئيس سعد الحريري والعماد ميشال عون، عندما قبل وأقنع الرئيس تمام سلام، بأن يكون اتخاذ القرارات بالتوافق بين كل الوزراء، وقد نصّب بذلك 24 رئيس جمهورية على اللبنانيين وعلى حساب صلاحيات رئيس الحكومة.
وترى هذه المصادر أن فترة الفراغ الرئاسي التي طالت، والشلل الذي سيطر على البلد نتيجة التعطيل الحاصل في مجلس الوزراء وتأجيل البنود الخلافية، أظهرت حجم الخطأ الذي ارتكبه «تيار المستقبل» بحق مقام الرئاسة الثالثة، ما دفع الرئيس سلام الى الانتفاضة وطلب العودة الى آلية الثلثين والنصف زائدا واحدا، الأمر الذي أدى الى «الثورة» العونية «حفاظا على صلاحيات رئيس الجمهورية».
ويمكن القول أن نوعا من الاحباط والامتعاض قد عم البيئة السنية في لبنان، خصوصا بعدما ظهر في الشكل أن كل «العنتريات» التي حاول صقور «تيار المستقبل» إظهارها، لجهة التمسك بصلاحيات رئيس الحكومة في وضع جدول الاعمال واقتراح التعيينات، والاستمرار بعقد الجلسات بالرغم من اعتراض وزراء «التيار الوطني الحر»، قد تلاشت مع التسوية التي علقت جلسات الحكومة الى ما بعد عيد الفطر، وفرضت إعادة البحث في آلية عمل مجلس الوزراء، ما يشير الى إخفاق «تيار المستقبل» مجددا في الحفاظ على صلاحيات رئيس الحكومة، بل والوصول الى حد التفريط بها للحفاظ على استمرار عمل الحكومة.
وترى مصادر وزارية أن «ما حصل في مجلس الوزراء أمس هو محاولة من رئيس الحكومة للخروج من منطق التوافق بين الـ 24 وزيرا الى منطق الدستور»، معتبرين أن «هذه المحاولة تم إجهاضها»، لافتين الانتباه الى أن «وزراء حزب الله والمردة ناصروا وزراء التيار الوطني الحر في هذا الاجهاض، في حين ذهب حزب الكتائب الى أبعد من ذلك، حيث طالب وزراؤه بأن يؤدي اعتراض مكون سياسي واحد في مجلس الوزراء الى عدم البت بالبند المطروح وليس مكونين سياسيين».
ولفتت هذه المصادر الوزارية الانتباه الى أن «التيار العوني تمكن من إقناع جمهوره بأنه يدافع عن صلاحيات رئيس الجمهورية، وقد جاءت التسوية ضمن هذا الاطار».
مصادر مستقبلية قالت لـ «السفير» إن «لا غالب ولا مغلوب في جلسة الحكومة، وأن الصراع مستمر، لكن ما حصل هو دفع لكرة النار قليلا الى الأمام، مع تسجيل تقدم لرئيس الحكومة الذي نجح، رغم كل الظروف الضاغطة، في أن يتمكن من تمرير بند المستشفيات كما مرر في الجلسة السابقة بند الزراعة»، لافتة الانتباه الى أن «الجلسات لم تعلق، ومن الطبيعي أن ترحل الى ما بعد عيد الفطر الذي بتنا على أبوابه».
وشددت هذه المصادر على «ضرورة الحفاظ على الحكومة، كونها المؤسسة الدستورية الوحيدة التي ما تزال تعمل، وأنه من دونها قد نصل الى الفراغ الشامل الذي يريده البعض ويسعى للوصول إليه»، لافتة الانتباه الى أن «الحفاظ على هذه الحكومة يتطلب الكثير من الحكمة والحنكة».
وتضيف هذه المصادر إن «المعركة الأساسية هي معركة إعادة مجلس الوزراء الى الدستور، أي نقل صلاحيات رئاسة الجمهورية الى مجلس الوزراء وفق آلية عمل الحكومة، أي بالتصويت على القرارات بحسب نوعها، بالثلثين أو بالنصف زائدا واحدا»، مؤكدة أن «الرئيس سلام متمسك بالدستور وبهذه الآلية ولن يتخلى عن صلاحياته»، متوقعة أن يؤدي ذلك الى مزيد من الاشتباك السياسي بعد العيد.