أمران كان ينتظر رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع جلاءهما بعد طرح الرئيس سعد الحريري «مبادرة» ترشيح النائب سليمان فرنجية للرئاسة: الأول مدى جديّة هذا الطرح، والثاني مدى تبنّي الرياض له. على هذا الأساس تصرّف، علماً بأن كل الأجواء التي وصلته لم تكن مطمئنة. ومع كل تلميح حريري وسعودي بدعم وصول فرنجية إلى الرئاسة، كانت دائرة الشك في معراب تتّسع، وحجم التوتر بين القوات وتيار «المستقبل» يزداد، حتى باتت «العلاقة بين الطرفين في أسوأ مراحلها»، بحسب مصادر في التيار الازرق. وهو ما يؤّكده تبادل الاتهامات بالتخوين وعدم حفظ الجميل بين قاعدتيهما الشعبيتين على صفحات مواقع التواصل الإجتماعي.
ومع توضّح مواقف حلفاء الداخل والخارج من التسوية، تبيّن لرئيس «القوات»، وعلى عكس ما كان يشيعه هو، أن الرياض ترمي بثقلها وراء التسوية، وأنه أضعف من إقناع المملكة بتغيير موقفها، وربما بالغ في تقدير وزنه لديها. لذلك، عُلّقت زيارته المقررة للسعودية «لاقتناعه بأن المراهنة على تبدّل الموقف السعودي غير مجدية».
مصادر «المستقبل» تبرر «تأجيل» جعجع زيارته بـ«خشيته من عدم تجاوب المملكة مع مطالبه، وحينئذ سيعود خالي الوفاض، وسيكون مُحرجاً بين توسيع المواجهة أو حساب خطّ الرجعة». وتلفت الى أن «على جعجع السفر إلى المملكة والتحدث إلى مسؤوليها، فإما أن يقنعهم أو يلتزم بأوامرهم». وتتساءل مصادر «المستقبل» عمّا إذا كان رئيس «القوات» في «وارد الاصطدام بالموقف السعودي أم انه سيتجاوب معه مقابل ضمانات تُعطى له، ولا تُخرجه من التسوية صفر اليدين»، إذ إنه «لن يفلح في انتزاع أكثر من مكاسب سلطوية مقابل مباركته للتسوية، وتمنّ سعودي عليه بأخذ ظروف البلد في الاعتبار والقبول بفرنجية رئيساً».
وتشدّد المصادر على أن «الرهان كبير على السعودية لفضّ المشكل»، مشيرة الى أن الرياض «لن تسمح بمواجهة بين جعجع والحريري، وسترعى المصالحة بينهما في حال بلغ التوتر ذروته». وهو يدرك جيداً أن «الرئيس الحريري سيواجه أياً كان لتحقيق هذه التسوية التي ستكون ضمانته الوحيدة للعودة إلى لبنان». وتعوّل على «حكمة قواتية تدفع جعجع للنزول إلى بيت الوسط والتحدث مباشرة مع الرئيس الحريري بعد عودته».
السيد
الى ذلك، جزم اللواء جميل السيد بأن جعجع «لن يجرؤ على دعم ترشيح العماد عون علناً ورسميّاً بسبب ارتباطه مصيرياً، بسياسته وتمويله، وربما بأمنه، بتيار المستقبل والدول العربية والغربية الداعمة له، ما يجعل من خروجه على حلفائه، بشأن الرئاسة، انتحاراً سياسياً له ولحزبه». وفي بيان صادر عن مكتبه الإعلامي، رأى السيد أن ما يشاع عن نية لدى جعجع لترشيح عون «غير جدّية مطلقاً وتأتي فقط كمناورة سياسية لكسب الوقت والإيقاع بين عون وفرنجية من جهة، ومن جهة أخرى استدراجاً منه للسعودية لتدعوه وتقف عند خاطره وتتفاوض معه على الضمانات والسعر السياسي الواجب دفعه إليه، بعدما رأى أنه تم تجاهله كلّياً في الإعلان عن ترشيح فرنجية».