IMLebanon

“المستقبل”: نصر الله “كبّر” حجر الأزمة الحكومية… لهذه الأسباب

 

 

لا شكّ بأنّ كلام الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرلله بدّل كلّ المشهد الحكومي، بعدما نسف قواعد التأليف وأعاد المشاورات إلى مربّعها الأول. صحيح أنّه، ترك مخرجاً متاحاً لقيام حكومة اختصاصيين، مشروطاً بتفاهم بقية القوى وتحديداً رئيس الجمهورية ميشال عون ومعه رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل ومن جهة ثانية رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، لكنه يعرف جيّداً أنّ باسيل متلهّف لالتقاط “تمريرة” من هذا النوع لكي يعيد الحريري خائباً، ما يدفع به إما للاستقالة وإمّا لتقديم مزيد من التنازلات… ولهذا سرعان ما انشرح صدر رئيس “التيار” فور سماعه خطاب نصر الله، الذي بدا وكأنه القشة التي ستقيه الغرق الحتمي، وقد عبّر عن ذلك في تغريدته.

 

هكذا، يُفهم أنّ لقاء يوم الاثنين المنتظر بين عون والحريري والذي سيكون رقمه 18 في جدول اللقاءات الثنائية بين الرجلين، محكوم عليه سلفاً بالفشل. وسيكون ربطاً بالمعطيات الجديدة التي وضعها نصر الله على الطاولة، شكلياً سرعان ما سينتهي بعودة رئيس الحكومة المكلف إلى بيت الوسط باحثاً عن مطار تحط فيه طائرته في زيارة خارجية لاستيضاح قواعد اللعبة الجديدة.

 

فعلاً، يتفق أكثر من قيادي في “تيار المستقبل” على التأكيد على أنّ كلام نصر الله يؤشّر بما لا يقبل الشك إلى أنّ المشاورات الحكومية تواجه عراقيل كثيرة، وبأنّ فتح الباب أمام تأليف حكومة سياسية أو تكنو سياسية من شأنه أن يزيد الوضع تأزيماً. والأهم برأيهم، هو أن ما أدلى به نصر الله تأكيد للمؤكد بعدم وجود اتفاق مسبق بين رئيس الحكومة المكلف و”الحزب”، وجل ما بينهما هو تفاهم على عدم توتير الساحة السنية – الشيعية أو تفجيرها. أمّا في الشأن الحكومي فقد حصر الحريري تنسيقه برئيس مجلس النواب نبيه بري الذي أخذ بصدره مسألة توزير “الحزب”.

 

يشدد أحد نواب “كتلة المستقبل” على أنّ الرئيس الحريري متمسك بالمعايير التي اقترحها للحكومة التي سيؤلفها، أي حكومة اختصاصيين، ليس فقط من باب القناعة بكون تجارب الحكومات السياسية انتهت إلى فشل ذريع، بل لأن الدول التي تبدي استعدادها لمساعدة لبنان تشترط بدورها تأليف حكومة من الاختصاصيين. ولهذا لا تراجع عن هذا المطلب.

 

ويؤكد أنّ الحجة التي قدمها الأمين العام لـ”حزب الله” بالحاجة إلى حكومة ذات “اكتاف” سياسية تساعدها على اتخاذ قرارات صعبة، غير مُقنعة، ذلك لأنّ القوى السياسية التي تشكل فعلياً هذه “الأكتاف” هي التي ستتولى حماية الحكومة وهي التي ستواكبها من خلال قوانين ستسنّ في مجلس النواب. وما على الحكومة إلا تنفيذ الآليات الإجرائية. ويسأل: هل عودة سليم جريصاتي، على سبيل المثال، إلى الحكومة هي التي ستحميها؟

 

ويعتبر قيادي في “تيار المستقبل” أنّ ما قام به نصر الله هو من باب تكبير حجر الأزمة الحكومية وليس الدفع إلى الحلّ، خصوصاً وأنّ الحكومات السياسية هي التي أوصلت البلد إلى الانهيار وعجزت في السابق عن وضع خطط انقاذية، فماذا الذي سيجعل منها راهناً معبر الحلّ؟

 

أما عن توقيت طرح “حزب الله”، فتتفاوت تقديرات “تيار المستقبل” بين من يعتبر تصعيد نصر الله هو من أجل دعم الرئاسة الأولى التي تواجه ضغطاً غير مسبوق، داخلياً وخارجياً، قد يدفع بها إلى تقديم تنازلات على مذبح قيام الحكومة، وقد بادر “الحزب” إلى تقديم هذه “التمريرة” من باب ترييح حليفه العوني وتحسين موقعه التفاوضي لتأمين مصالحه، وبين من يعتبر أنّ التوقيت الإيراني للملف اللبناني لم يحن بعد ولهذا فرمل نصر الله محاولة جدية كان من الممكن أن تفضي إلى توقيع مراسيم الحكومة.

 

وفق النظرة الأخيرة، فإنّ تطوراً اقليمياً ما حصل خلال الساعات الأخيرة أفضى إلى تصعيد “حزب الله”، وثمة من يعتقد من جانب “تيار المستقبل” أنّ زيارة وفد “الحزب” إلى موسكو قد تكون لها علاقة بهذه التطورات السلبية لجهة عدم رضاه عما سمعه من المسؤولين الروس بشأن دور “حزب الله” في ما يطرح لمستقبل سوريا.

 

ويسأل هؤلاء: كيف ستتم معالجة القضايا النقدية والمالية الملحة اذا ما تأخر تأليف الحكومة؟ هل الانهيار لمصلحة أي من الأطراف؟ ماذا لو صدقت التهديدات الأوروبية واتجهنا إلى اكثر من عقوبات لاعلان مثلاً لبنان دولة فاشلة؟

 

أما بالنسبة للتعديلات الدستورية فيدعو أحد نواب “المستقبل” إلى تطبيق اتفاق الطائف قبل البحث في ثغراته وكيفية تعديله، مشيراً إلى أن الظروف أصعب وأكثر تعقيداً وخطورة من وضع النظام السياسي على طاولة النقاش.