مع دخول الساحة السياسية في مدار الإستحقاق الإنتخابي النيابي، يسجّل وزير سابق «بيروتي»، أكثر من ملاحظة حول طبيعة المشهد الإنتخابي في العاصمة مع تزايد مستوى الإصطفافات الطائفية والمذهبية منذ لحظة استقالة حكومة الرئيس سعد الحريري إثر «ثورة 17 تشرين الأول في العام 2019». ويعتبر هذا الوزير السابق، أنه ومنذ أن بدأ يجري الحديث عن واقع «تيار المستقبل» الإنتخابي بعد تأليف حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، تبدو كل المقاربات غير موضوعية، وغير واقعية حتى، على صعيد السياسة الإنتخابية التي سيعتمدها «التيار الأزرق» في رسم مواقعه وتحالفاته الإنتخابية في العاصمة بيروت، كما في المناطق على حد سواء، بعيداً عن كل التحالفات السابقة باستثناء التعاون مع وجوه حزبية سنّية كانت في مرحلة سابقة تدور في فلك معارض لفلك التسوية التي أنجزها الحريري مع «التيار الوطني الحر».
وعليه، يقول المصدر نفسه، أن الحريري الذي يستعدّ للعودة الى بيروت، قد باشر، ومن الخارج، ومن خلال اتصالات ومشاورات مكثّفة أجراها مع قيادات في الداخل، استشراف المشهد الإنتخابي لجهة القوى التي بدأت تعلن عن اتجاهاتها، في ضوء توجّه الحلفاء السابقون ل «تيار المستقبل»، كـ «التيار الوطني الحر» و»القوات اللبنانية» والحزب التقدمي الإشتراكي، الى خوض غمار الإنتخابات النيابية المقبلة بشكل منفرد، ومن دون أي تعاون في ما بينها، باستثناء التنسيق «القواتي» ـ الإشتراكي الذي هو شبه مؤكّد في الجبل، كما يتوقّع الوزير السابق نفسه.
ومن هنا، فإن عملية خلط أوراق واسعة قد انطلقت على مستوى البحث في التحالفات التي سينسجها الحريري في مختلف الدوائر الإنتخابية، والتي سيكون فيها مرشّحون لـ «تيار المستقبل»، مع العلم أن الماكينات الإنتخابية قد أدارت محرّكاتها استعداداً للمرحلة المقبلة، فيما باشر مسؤولو «الأزرق» عقد لقاءات ونقاشات في الأولويات الإنتخابية.
وفي هذا الإطار، يقول الوزير السابق نفسه، أن بلورة حركة الترشيحات المقبلة، لن تبدأ في الوقت الراهن، وقبل دراسة الواقع على الأرض من جوانبه كافة وفي كل المناطق، وتحديدا مسار الدعم الذي سيحظى به مرشحو «تيارالمستقبل»، لا سيما في العاصمة بيروت، بعدما بات واضحاً أن تعاوناً إنتخابياً سيحصل بين الحريري و»تيار العزم» الذي يرأسه ميقاتي في عاصمة الشمال طرابلس.
ولكن، من المبكر الدخول في أية توقّعات حول اللوائح التي سيتم إعدادها بعد أشهر قليلة، والتي ستشمل بالطبع نواباً حاليين وسابقين ووجوهاً جديدة، في ضوء ما كان قد أعلنه الحريري منذ أشهر إزاء التفاهمات الإنتخابية المرتقبة مع كلٍ من رئيس المجلس النيابي نبيه بري، ورئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط، كما مع ميقاتي. وبالتالي، فإن «تيار المستقبل»، ووفق الوزير السابق نفسه، لا يرى أنه سيكون مقيّداً في الإستحقاق الإنتخابي المقبل في أية ارتباطات سياسية وتحالفات ثابتة على غرار ما حصل في انتخابات العام 2018، عندما كان متحالفاً مع «التيار الوطني الحر»، ولذا، فهو يمتلك هامشاً واسعاً من الحرية ، والتي لا بد وأن تسمح له بالتعاون مع شخصيات جديدة وناشطة في المجتمع المدني، وتقترب في رؤيتها السياسية من طروحات «المستقبل» وثوابته.