علم أن أجواء تصعيد سياسي تلوح في الأفق، وقد تكون هي الأعنف في إطار جولات التصعيد السياسي، خصوصاً بين العهد و”تيارالمستقبل”، الذي، وإن علّق رئيسه سعد الحريري مسيرته السياسية وعزوفه وتياره عن الترشيح في الإنتخابات النيابية المقبلة، فإن المعلومات من خلال المقرّبين من “التيار الأزرق”، تشي باستمرار التحرّك السياسي والإنتخابي عبر أكثر من آلية، وهذا ما يظهر من خلال حركة الرئيس الأسبق فؤاد السنيورة، على خلفية زياراته ولقاءاته ومشاوراته مع مرجعيات سياسية وروحية وديبلوماسية، والتي تكثّفت في الأيام الماضية، ما يعني، بفعل الأجواء القريبة من “المستقبل”، بأن السنيورة بات من يقود هذه المرحلة إلى حين عودة الحريري عن قراره، والذي قد يستغرق لسنوات ثلاثة أو أربعة، إلا في حال تبدّلت الظروف والمعطيات، فساعتئذٍ كل الأمور قد تتبدّل وتتغيّر وفق مقتضيات المرحلة، والظروف التي قد تملي عليه العودة إلى بيروت في أي توقيت.
وفي هذا السياق، تؤكد أوساط سياسية متابعة، أن التصعيد السياسي العالي النبرة بين “المستقبل” والعهد و “التيار الوطني الحر”، يعود إلى جملة معطيات، أولها إبعاد الحريري عن رئاسة الحكومة، ودفعه للتكليف وتركه وحيداً عندما قرّر الإستقالة من حكومته، ومن ثم استغلال إحجامه عن المشاركة في الحياة السياسية، عندما زار رئيس الجمهورية ميشال عون دار الفتوى، ومن ثم محاولة “التيار البرتقالي” الدخول إلى مناطق القواعد الحريرية، وقبيل الإنتخابات النيابية، وصولاً إلى الأبرز، وهنا بيت القصيد، وهو ما يتمثّل بإبعاد كل الإداريين والأمنيين إما دفعهم للإستقالة، أو تحريك القضاء باتجاههم من حاكم مصرف لبنان وصولاً إلى المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان وآخرين، وهذا مردّه إلى السعي لتفريغ الإدارات السياسية والإدارية والأمنية من المقرّبين من الحريرية السياسية، أو من جاء بهم الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورئيس “تيارالمستقبل” الحالي.
وتضيف الأوساط السياسية نفسها، أن هذه الحملات تهدف أيضاً إلى شدّ العصب الإنتخابي، وعلى خلفية معركة رئاسة الجمهورية وكل ما يطرح من عناوين تصبّ في خانة التمديد، ومن الطبيعي أن هناك دور ل”المستقبل” على صعيد الإنتخابات الرئاسية، ودعم من يختاره التيار، وعلى هذه الخلفية، فإن معظم الترشيحات السنّية تتابَع وتتم مواكبتها من قبل قيادات مقرّبة من الحريري، أو هناك دعم بفعل “قبّة باط” للإقتراع لمن يذكّيه أو تذكيه قيادة “التيار الأزرق” في كل الدوائر الإنتخابية، وبمعنى أوضح، قد يصار إلى اعتماد “كلمة سرّ” لانتخاب هذا المرشّح أو ذاك، على الرغم من تشتّت الأصوات السنّية والإرباك والضياع السائدين في مناطق تواجد “المستقبل”، لا سيما في إقليم الخروب وبيروت والبقاع الغربي وطرابلس وعكار وسواهم.
ويبقى السؤال المطروح، هل يخوض “المستقبل” هذه المعارك السياسية والإنتخابية منفرداً؟ أم أن حلفاءه كالحزب “التقدمي الإشتراكي” و “القوات اللبنانية” وسواهم سيكونون إلى جانبه؟ هنا تؤكد الأوساط ذاتها، إلى أن كل المواجهات التي تحصل تُخاض بال”مفرّق”، على اعتبار أن لكل طرف حساباته المناطقية سياسياً وانتخابياً، ولذلك، ليس هناك من أي تواصل وتنسيق حالياً بين هذه المكوّنات مع “المستقبل” أكان من “الإشتراكي” أو “القوات”، وإن كان الخصام مع العهد وتياره يجمعهم، ولكن لكل فريق اعتباراته وظروفه وخصوصيته الإنتخابية وفق جغرافية المنطقة، ولهذا، فإن التصعيد سيكون عنوان المرحلة المقبلة، دون أن يكون هناك جبهة سياسية معارضة وموحدة، كما كان يحصل في مراحل كثيرة بفعل التباينات والإعتبارات المحيطة بكل حزب وتيار سياسي.