«الحريريّون» يلتزمون بموقف بيت الوسط… لا اتفاقات من فوق الطاولة ولا تحتها لا صحّة لدعم بعض مُرشحي بيروت الثانية…
لم يهدأ بعد «تيار المستقبل» من الازمات التي طوقته منذ سنوات من الحلفاء والخصوم معاً، لكن الابرز حين اعيد تكليفه الاخير، والذي لم يصل به الى السراي الحكومي بسبب التناحرات والانقسامات بينه وبعض اهل السلطة، وغياب التأييد المسيحي الفاعل له، لذا كان إستباق من رئيس الجمهورية ميشال عون، عبر خطاب تضمّن حينذاك الكلام التحذيري للنواب من تسمية الحريري، وبرسالة واضحة بأنّ التأليف لن يمّر حتى ولو مرّ التكليف، تبعته معركة سياسية من قبل رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل، وعدم تأييد من قبل القوات اللبنانية، مما يعني غياب لافت للتوازنات السياسية في ظل غياب «التيار» و «القوات» ، اي الحزبين الاكثر شعبية على الساحة المسيحية.
مصادر سياسية في «تيار المستقبل» رأت انّ «الحرتقة» الفعلية على الرئيس الحريري، بدأت منذ ذلك الوقت مع بدء الصراع على صلاحيات التأليف وتوزيع الحصص والحقائب الدسمة، وصولاً الى البيان الوزاري والبرنامج الإصلاحي، وإمكان تحقيق الاصلاحات للحصول على المساعدات المنتظرة، لإنتشال لبنان من الانهيارات، والتصدّي لأي فكرة او طرح كان الحريري يعلنهما، واصفة ما جرى حينها بالمعركة الحكومية بين الرئيس ميشال عون والنائب باسيل من جهة والحريري من جهة اخرى، وعدم السماح من قبلهما أي الرئيس عون وباسيل بمرور التأليف على طبق من فضة للحريري، لانهما عملا على تعزيز شروطهما، لافتة الى انّ الالغام السياسية التي وُضعت امامه كادت ان تنفجر في أي لحظة، وادت الى إعتذاره لاحقاً بسبب كل العقبات التي وقفت ضد نجاح خطواته.
على خط آخر، ثمة اسئلة ما زالت تطرح حول إمكانية ان يُقفل بيت الحريري سياسياً، وان يكتفي الاخير بالاعمال التجارية الاستثمارية في الامارات، وفي هذا الاطار تشير المصادر المذكورة الى انّ ما اعلنه الحريري قبل فترة من بيت الوسط واضح جداً، لجهة عزوفه عن الترشح وتعليق حياته السياسية، فهو لم يترشح الى الانتخابات النيابية، ولم يبحث عن فرصة ما لعودته اقوى وتحت عنوان «الزعيم السنيّ راجع» بعد الانقلاب الذي طاله من العهد و «التيار الوطني الحر» و»القوات اللبنانية» وباقي القوى، التي ما زالت حتى اليوم تشّن هجماتها عليه ولو بصورة مبطّنة، والمفاجآت السياسية سوف تكشف من جديد في صناديق الاقتراع بعد شهر، لانّ المحازبين الحقيقيين في «تيار المستقبل» والمناصرين والمؤيدين، سيلتزمون بمواقف رئيس التيار، وسوف يقترعون بالورقة البيضاء، لانّ الاقتراع من حقهم وهم لم يخرجوا بعد من حالات الاحباط والغضب التي رافقتهم، جرّاء خيانة زعيمهم من قبل الحلفاء بصورة خاصة، نافية ما يُردّد عن دعم من تحت الطاولة لبعض مرشحي دائرة بيروت الثانية، بحسب ما يتداول به اعلامياً، فلا دعم لا فوق الطاولة ولا تحتها، وبالتالي فمن اراد خوض المعركة النيابية استقال وهو حر في خياره وقراره.
ورأت المصادر عينها، بأنّ الاستحقاقات المقبلة ستلاقي تناحراً بين الافرقاء السياسيين، أي تلك التي ستلي الانتخابات النيابية ، لانّ ما بعد 15 ايار لن يكون كما قبله، فالانتخابات ستجري، ولكن الخلافات ستتفاقم بعدها ولن تكون كما يتوق الشعب، لانّ الاكثرية النيابية عائدة، وهنالك المهمات الحكومية المرتقبة وانتخاب رئيس للمجلس النيابي وتشكيل حكومة جديدة سيكون على الارجح نجيب ميقاتي رئيسها، مع بعض التغيير البسيط في أسماء الوزراء، وانتخاب رئيس جديد للجمهورية وهنالك الطامة الكبرى، لانّ إمكانية حدوث فراغ رئاسي غير مستبعد ابداً، في ظل الظروف الداخلية والاقليمية الصعبة.
وعن توقيت عودة الحريري، تختم المصادر: «نقول للغيارى اطمئنوا فالرئيس الحريري سيعود حتماً الى لبنان، لكن التوقيت يعود له وحده، ولا بدّ للتطورات ان تحدث تغييراً يوماً ما».