Site icon IMLebanon

تحدّيات تواجِه المؤتمر العام لـ”تيار المستقبل”

 

على أثر دخول “تيار المستقبل” مدار مؤتمره العام الذي يعقد كل أربع سنوات، يحتلّ الشأن التنظيميّ حيّزاً مهمّاً من متابعات ونقاشات هذا الفريق. هذه المرّة غير كل المرات، ولأسباب عديدة، تبدأ بالظروف المحطية بـ”التيار”، الداخلية منها والخارجية، ولا تنتهي بالتحديات المستجدة التي تواجهه.

 

بعد خروجه من السلطة، سيحاول رئيس “التيار” سعد الحريري منح الشأن التنظيمي الكثير من الانتباه والوقت والتركيز، علّه يتمكن من الإجابة مع فريقه المساعد على كل التساؤلات التي تطرق أبوابهم والتي تبحث بشكل خاص عن طبيعة دور “تيار المستقبل” في المرحلة المقبلة، وهدفه. المؤتمر سيحسم الهوية.

 

السؤال المركزي الذي فرض نفسه على طاولات النقاشات، يتمحور حول: ماذا نريد من “تيار المستقبل”؟ ما هو دوره؟ ماذا يريد الحريري من تياره؟ هل يريده ماكينة انتخابية يتمّ ايقاظها عشية الاستحقاقات الداهمة وتعاد إلى سباتها فور الانتهاء من اعلان الأرقام والنتائج؟ هل المطلوب حزب مناطقي ذو هيكلية موسعة يتمتع بكل أدوات تلبية حاجات الناس الخدماتية؟ أم نريده واحداً من هيئات المجتمع المدني التي تعمل مع المنظمات الدولية لتنفيذ المشاريع الحيوية والحياتية؟

 

هكذا تختصر هذه التساؤلات الهدف المرجو من عقد المؤتمر الذي يتزامن مع عبور “تيار المستقبل” واحدة من أصعب مراحله:

 

ترك رئيس “التيار” الحريري مقاعد السلطة ولكن من دون الجلوس بشكل كامل على مقاعد المعارضة. لا يزال حتى اللحظة بين المنزلتين، في مرحلة انتقالية يعطي خلالها حكومة حسّان دياب فرصتها، ولو أنّه لا يقولها بشكل واضح لكنه يتصرف على هذا الأساس.

 

وبالتالي هو خسر مكتسبات السلطة ولكن من دون أن يربح عصب المعارضة التي يحاول الاقتراب منها ببطء شديد. الأهم من ذلك، هو أنّ الحريري يحفظ عن ظهر قلب تاريخ خروجه من السلطة لحظة تقدم باستقالة حكومته أمام الشارع المنتفض، لكنه لا يعرف أبداً تاريخ التحاقه من جديد بنادي رؤساء الحكومات. ولذا قد يكون أحد عناوين المؤتمر “البحثية” هو كيفية التعامل مع مرحلة الجلوس على مقاعد خارج السلطة في لحظة افلاس تصيب الدولة برمتها.

 

ومن ضمن سياسة المهادنة غير المعلنة، يترك الحريري جسور التواصل قائمة مع الثنائي الشيعي، بشكل يدفعه إلى العدّ للعشرة قبل استعادة خطاب التصدي لسلاح “حزب الله”. ما يؤدي إلى ابقاء متاريس المواجهة مع بعبدا “شغالة”، دون سواها، مع العلم أنّ هذا الخطاب لا يمكن أن يكون خياراً استراتيجياً بل هو موقت ومرحلي، قد تتغير مفاعيله وطبيعته مع تغيّر هوية الجالس على كرسي الموارنة.

 

في موازاة ذلك، الهاجس الذي يقلق أبناء هذا الفريق هو المتأتي عن السؤال: ما هو دور السنّة في النظام؟ هل هو مهدّد؟ كيف التعامل مع التركيبة الحاكمة في ظل رئيس للحكومة أتاها من خارج النادي التقليدي وحتى التمثيلي الشعبي؟ ماذا لو تعمم هذا النموذج وجرى الانقلاب على رؤساء الحكومات التقليديين؟

 

وعلى كثافة هذه التساؤلات، فإنّ تحدياً تنظيمياً لا يقل شأناً سيدرج نفسه على لائحة اهتمامات القيّمين على المؤتمر العام، ويكمن في أنّ تجربة “المستقبل” الحزبية أثبتت أنّ دينامية الحزب تكاد تكون محصورة بالرأس. هنا يشكل الحريري “الخلايا الأم” لهذه المنظومة. لا قرار خارج قراره، ولا خيارات خارج خياراته، خصوصاً بعد استبعاد كل “الصقور” وكل “حالات النشاز”. لكن أكثر ما يصيب “التيار” بالخمول، هو الانفصام الحاصل بين “الرأس” وبين القيادة المفترض بها أن تشكل المطبخ الحزبي، فيما الكتلة النيابية هامشية في التأثير على قرار رئيسها.

 

وبعيداً، من الاعتبارات الذاتية، ثمة عوامل خارجية فرضت نفسها على طاولة البحث: بعد 17 تشرين الأول تغيرت أدوات العمل السياسي، وهذا ما يحتّم على “تيار المستقبل” أن يعيد النظر بكيفية مقاربته للعمل السياسي خصوصاً وأن تجربته بينت أنه يتعامل مع المناطق بمركزية مطلقة سببت خللاً في التواصل مع الجمهور أظهرته الاعتراضات التي واجهت التعيينات الأخيرة.