لا شكّ في أن العقبة التي تُواجه الرئيس سعد الحريري هي مع الرئيس نبيه بري. مصادر تيار المستقبل تؤكّد أن «الحريري تلقى إشارات إيجابية من عين التينة»، في مقابل تقديم وعود لرئيس المجلس بأنه «سيكون راضياً»
يُوحي المُقرّبون من النائب سعد الحريري بأن الأمور مع رئيس مجلس النواب نبيه برّي «تأخذ طريقها نحو الحلحلة». ويبدو أن «السعي المتواصل تجاه عين التينة لا ينقطع، حفاظاً على تحالف وثيق بين الرجلين، يفرض عليهما عدم الوقوف على ضفتين متقابلتين».
خلال اجتماعه بنواب كتلته أول من أمس، لم يدخل رئيس تيار المستقبل في التفاصيل الدقيقة، ولم يشرح في إطار كلامه عن برّي الجهود المستمرة تجاه رئيس المجلس. قال حصراً إن «الوضع يتحسّن». إلا أن مصادر مستقبلية بارزة أكدت لـ«الأخبار» أن «الحريري تلقى إشارات إيجابية، ومن المتوقع أن يُعلن الرئيس برّي اليوم دعمه لرئاسة الحكومة».
قيل كلام كثير في اليومين الماضيين عن أن الاتصالات بين عين التينة ووادي أبو جميل مجمّدة، وأن الخط الذي كان مفتوحاً دائماً بين مدير مكتب الرئيس الحريري نادر الحريري، والمعاون السياسي للرئيس بري الوزير علي حسن خليل، مقطوع. وعلى هذه الخلفية، تؤكد المصادر أن «الحريري يسعى لتسليك الأقنية مع الرئيس برّي، وأن المحاولات تسير على قدم وساق»، وهو «أعلن غير مرّة اقتناعه بأن لا خيار سوى أن يكون إلى جانب برّي في كل المحطات».
بعد وصول العماد ميشال عون إلى الرئاسة، بدا أن عقبة الرئيس برّي، بالنسبة إلى الحريري، أعظم من الصعوبات التي واجهها لإقناع شارعه وكتلته بخيار دعم عون. فهو يعلم أن «بري رقم صعب في المعادلة اللبنانية»، وبالتالي فإن «غيابه عن أي حكومة يترأسها الحريري، سيفقدها العمق الشيعي، ويعني انتقاصاً من دور رئيس الحكومة المكلّف». مصادر الحريري تستبعد كل ما يقال عن «محاولات انتقامية يمكن أن يقودها رئيس المجلس لتعطيل تأليف الحكومة». اقتناع المستقبليين، يعلنه هؤلاء ركوناً إلى «معرفتنا بشخص الرئيس برّي» أولاً، وثانياً لأن «الرجل يعلم بأن الحياة السياسة في لبنان هي سلف ودين». هناك «الكثير من المحطات المشتركة بيننا»، والتيار «كان أول الداعمين لكل طاولات الحوار الوطني التي رعاها الرئيس برّي، والحوار الثنائي بين حزب الله والمستقبل». كذلك «كُنّا من أول الذين وقفوا معه في موضوع تشريع الضرورة، وفي النزول الى كل جلسات الانتخاب، إيماناً منّا بعدم جواز التعطيل». وبالتالي «لن يقابل الرئيس بري جميلنا بالجحود. نحن نعلم أنه حريص على مصلحة البلد، والتباين بيننا حول العماد عون لا يفسد في الودّ قضية». وذكّرت المصادر بأن «علاقة الحريري ببرّي مرت في السابق ببعض المطبات، لكنها سرعان ما استعادت متانتها»، و«زعل بري لا يمكن أن يدوم، لأنه يعلم بأن هناك ضرورة للتعاون في ما بيننا»، وهو «سيكون شريكاً مساهماً للإسراع في تشكيل الحكومة ضمن التعاطي الإيجابي مع العهد الجديد».
مصادر «المستقبل» أكدت أن «الحريري حريص على التوافق مع الرئيس برّي»، كاشفة أنه وعده بأنه «ما رح يكون إلا راضي، وستكون له الحصة الوزارية التي يريدها في الحكومة». وفي هذا الإطار، لا يبدو الرئيس الحريري، بحسب المصادر، متخوّفاً من أيّ عرقلة، «فمن سهّل انتخاب الرئيس، علماً بأنه كان بمقدروه تعطيل الجلسة وإفقادها نصابها، لن يعطّل الحكومة، ولن يصطدم لا بالحريري ولا بعون». ومن الطبيعي أن «يضع برّي شروطاً وهذا حقّه، لكن الأكيد أننا ذاهبون من تسهيل رئاسي إلى تسهيل حكومي».
من جهة أخرى، كشفت المصادر أن «المحيطين بالرئيس الحريري، الذين تجمعهم بالرئيس بري علاقة وطيدة، يعملون على تذليل العقبات، ويحاولون إقناع الأخير بأن المشكلة ليست مع الحريري، وأنه لا يجوز أن يتحمّل هو المسؤولية، وأن يدفع ثمنها في الحكومة»، وأن «لا مصلحة له في معاداة كل الناس، بل هناك مصلحة مشتركة مع رئيس تيار المستقبل يجب الحفاظ عليها والتمسك بها».