IMLebanon

«المستقبل» يفضّل التسوية «المزدوجة».. وقانون الانتخابات معلّق

«زخّات» إيجابية «تمطر» تحت سقف «الطائف»

«المستقبل» يفضّل التسوية «المزدوجة».. وقانون الانتخابات معلّق

تعددت التفسيرات داخل قوى «14 آذار» للمبادرة التي أطلقها الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله والتي أعاد التأكيد عليها بعد تفجيريّ برج البراجنة، وتراوحت النقاشات بين ملتقط لجدية التسوية الشاملة التي دعا اليها نصرالله والاعتقاد بإمكانية البناء عليها بحثاً عن مخارج للأزمة اللبنانية، وبين باحث عن خلفيات كامنة وراء الدعوة الى درجة الحديث عن تخوّف لدى «حزب الله» من التطورات العسكرية في سوريا دفعت بقيادته الى استعجال قطار الحلّ الداخلي وإبداء الاستعداد لتقديم التنازل.

تدخل سعد الحريري حاسماً الجدل المكتوم ليلاقي مبادرة نصر الله تغريداً عبر موقع «تويتر»، متوقفاً «بإيجابية عند كل توجّه يلتقي مع ارادة معظم اللبنانيين في إيجاد حلّ للفراغ الرئاسي» وذلك بعد تصويبه سلّم أولويات جدول الأعمال الذي طرحه «السيد»، مانحاً استحقاق رئاسة الجمهورية الأولوية المطلقة، ولتكون «المدخل السليم» لبقية القضايا المثارة، والمقصود بها بشكل خاص قانون الانتخابات النيابية.

عملياً، أعلن نصر الله بشكل واضح وعملي ما يتمّ التطرق له في الجلسات المغلقة بعيداً عن الأضواء، والمقصود به سلّة تفاهم كبيرة تخرج فخامة الشغور من القصر الرئاسي وتقفل ستارة «المسرحية الهزلية» حول قانون الانتخابات على صيغة توافقية يجري على أساسها الاستحقاق المؤجل من العام 2013، وتحسم مسبقاً موازين القوى في الحكومة كما رئاستها.

وهذا بالضبط، ما حاول فعله الرئيس نبيه بري من خلال مائدته الحوارية، التي يعتقد أنها حتى لو كانت عاجزة في الوقت الراهن عن عقد هذا الاتفاق، لكن بمقدورها أن تحضّر الجو بين القوى السياسية للحظة التسوية، التي ستأتي عاجلاً أم آجلاً. هكذا سعى الى عرض «المقبّلات».

وفي اللحظة التي بدت فيها منطقة برج البراجنة جريحة، كان التلاقي بين «حزب الله» و «تيار المستقبل» مطلوباً لأكثر من سبب، حيث بدا لافتاً أن قيادة الفريق «الأزرق» حرصت، وعلى خلاف عادتها، على سحب فتيل التوتر من خطابها في مقاربتها للجريمة المزدوجة التي هزّت وجدان اللبنانيين، وامتنعت عن التطرق الى تدخّل «حزب الله» في الحرب السورية ووضعه في خانة الأسباب التي أتت بالتطرف العنفي الى لبنان، كما كانت تفعل في كل مرة تكون فيها الضاحية الجنوبية في موقع الاستهداف الأمني.

هكذا اكتفى الحريريون بتسجيل تضامنهم مع أبناء برج البراجنة من دون أن يتركوا «غصّة» في نفوس هؤلاء، لا بل راحوا أكثر من ذلك للتشديد على ضرورة الاستعانة بـ «زنود» الحوار لحماية السلم والاستقرار الداخليين. وها هو نهاد المشنوق، بعد الحريري، يعيد التأكيد على أهمية الاستقرار السياسي كونه السبيل الوحيد لتحقيق الأمن في البلاد.

وفي المحصلة، بدا أن «المناخ» السياسي يحمل بعض «زخّات» المطر، وبات يمكن تسجيل الملاحظات الآتية:

ـ الأكيد أنّ «المستقبليين» ارتاحوا لعدم ذكر السيد نصر الله في مبادرته لبند التعديلات الدستورية التي يرذلونها، بحيث حصر جدول الأعمال برئاسة الجمهورية، الحكومة تركيبة ورئاسة وقانون الانتخابات النيابية، من دون إلباس هذه النفضة ثوب «المؤتمر التأسيسي» أو حتى الدعوة الى الإنقضاض على «وثيقة الوفاق الوطني»، فاستظلت المبادرة كما الردّ عليها، عباءة «الطائف».

ـ صار جلياً أنّ «حزب الله» لا يمانع عودة سعد الحريري الى رئاسة الحكومة أو من يسميه، لا الى تلك التي يفترض أن تشرف على الانتخابات النيابية ولا تلك التي ستلي الاستحقاق، وهو إن لم يقلها صراحة لكنّ إيحاءته بدت واضحة.

ـ تبقى المشكلة في قانون الانتخابات. قال سعد الحريري بشكل واضح إنّ الأولوية هي لرئاسة الجمهورية، وبالتالي ما ورد بين سطوره المقتضبة يدلّ على أنّ الاتفاق المسبق على قانون الانتخابات مستبعد بالنسبة للفريق «الأزرق»، ما يعني بنظره أنّ أي تسوية قد تحصل لا يفترض أن تتضمن هذا البند «الخلافي» الممكن ترحيله الى ما بعد انتخاب رئيس.

باعتقاد «الحريريين» أنّ الاتفاق على رئيس الجمهورية سيكون كافياً في المرحلة الأولى، لأنّ الأخير قد يكون جزءاً من ضمانة للقوى المسيحية التي تسعى الى تعديل قانون الانتخابات، طالما أن الرئيس سيكون مقبولاً من قوى «8 آذار». كما أنّ انتخاب الرئيس لا يلغي أبداً النقاش اللاحق حول قانون الانتخابات، وبالتالي لا ضرورة لبتّه راهناً.

هكذا يُفهم أن «تيار المستقبل» لا يريد تجرّع هذا الكأس في الوقت الراهن، ويفضل تركه لمرحلة لاحقة. فهل سيقبل الآخرون باستبدال التسوية الثلاثية بأخرى مزدوجة؟