Site icon IMLebanon

«المستقبل» يلاحق صفحة فايسبوكية: الانتقاد ممنوع!

لم يعد تيار المستقبل يرضى بوجود أي صوت اعتراضي على أدائه السيئ. أوضاعه التنظيمية والمالية والسياسية من سيئ إلى أسوأ، لكنه لم يجد لإصلاح حاله سوى تجنيد أجهزة الدولة لملاحقة صفحة فايسبوكية مجهولة تتهم بعض مسؤوليه بقلة الكفاءة وتطالب بإزاحتهم من مناصبهم

قبل أشهر قليلة، خرجت إلى العلن صفحة على مواقع التواصل الاجتماعي تحت عنوان «صار لازم ترتاح»، بالتزامن مع الحديث عن المؤتمر العام للتيار المزمع عقده في تشرين الأول المقبل. آنذاك، شنّ «أصحاب» الصفحة، مجهولو الهوية، حملة استهدفت عدداً من مسؤولي التيار ومنسقيه، متهمة إياهم بالتقصير، وتحميلهم مسؤولية فشل الجسم التنظيمي (الأخبار الاثنين ٤ تموز ٢٠١٦)، واعتبرت أنه بات لزاماً على التيار استبدالهم بوجوه جديدة في الانتخابات الداخلية.

من بين مئات، سلّطت الصفحة الضوء على ثلاثة مسؤولين في «المستقبل» هم: رئيس تحرير جريدة المستقبل جورج بكاسيني، عضو المكتب السياسي في التيار صالح فروخ ومنسق عام الإعلام عبد السلام موسى، معتبرة أنهم «لم يقوموا بواجبهم وصار لازم يرتاحوا». وعلى الرغم من أن القيّمين على الصفحة لم يلجأوا في منشوراتهم إلى الذم أو استخدام عبارات مسيئة بحق «من هم تحت مجهر المحاسبة»، إلا أن هذه المنشورات استقدمت الكثير من التعليقات التي «تطاولت» على الأسماء المذكورة. استنفرت قيادة التيار أجهزة الدولة للبحث عن «الفاعلين»، الذين زادوا إلى الأسماء المنشورة كلاً من منسق البقاع الأوسط أيوب قزعون ونقيب المهندسين خالد شهاب والمدير العام لتلفزيون المستقبل رمزي الجبيلي، وضمّوهم إلى قافلة المغضوب عليهم. وبالفعل، تقدّمت قيادة التيار بشكوى رسمية لدى الجهات القضائية لمعرفة من وراء الصفحة، ليتبين بعد تجنيد أجهزة أمنية أن «محرّكها» هو قاسم يوسف. فمن هو يوسف الذي «لاعب» جمهور المستقبل، وأوحى بوجود جيش خفي يمثل «المعارضين الأحرار» ضد فريق الأمين العام للتيار أحمد الحريري؟ بحسب رواية أوساط مستقبلية، «عمِل يوسف مصوراً في قناة المستقبل الإخبارية، وتم طرده في ما بعد لأسباب غير معروفة». وعلى ذمة المصادر، بدأ يوسف منذ ذلك الحين بـ«التطاول» على كل المسؤولين في التيار ونوابه في البقاع، «وأعلن عن نفسه كمرشح نيابي عام 2013. وبعدما تبيّن له أن الأفق مسدود في وجهه، عاد ولجأ إلى التيار، محاولاً التقرب من نواب المستقبل في المنطقة». حينها كان يوسف يعمل في شركة إحصاء، قبل أن يفتح خط اتصال مع منسق عام الإعلام عبد السلام موسى الذي أوصى به كي يعمل في صحيفة المستقبل من جهة، ومن جهة أخرى كي يتم تعيينه منسقاً إعلامياً في البقاع الأوسط، غير أن توصية موسى لم تلق تجاوباً. وأشارت المصادر التي أكدت أن «يوسف ليس عضواً في التيار»، إلى أن «الأخير بدأ ينشط منذ فترة في البقاع الأوسط ويقوم بزيارات للهيئة الناخبة، مروجاً لنفسه لانتخابه في المؤتمر العام، تحضيراً لترشيح نفسه إلى المكتب السياسي».

يريد «المستقبل» تحديد الطريقة التي يجب على المواطنين استخدامها لانتقاده

أمس، تبلّغ يوسف خبر الدعوى وتم استدعاؤه للتحقيق معه على خلفية ما نشر. وقد أصدرت قيادة التيار بياناً أعلنت فيه أن «التيار تقدّم بشكوى رسمية لدى الجهات القضائية المختصة، تبين بنتيجتها، أن المدعو قاسم يوسف هو من يدير الحساب. وبناءً عليه، اتخذ تيار المستقبل صفة الادعاء الشخصي على المدعو يوسف، وكل من يظهره التحقيق على علاقة بالأمر». وأكد البيان «احترامه أي نقد بناء وشفاف، كحق لأي شخص مناصر للتيار أو عضو فيه، ولكن بعيداً عن التلطي وراء حسابات وهمية لإثارة البلبلة حول صورة التيار». إذاً، التيار يريد أن يحدّد لمناصريه الطريقة التي يجب عليهم استخدامها لانتقاد مسؤوليه، وإلا، فسيف القضاء والأجهزة الأمنية سيُشهر في وجههم. ولم يُعرف بعد على أي أسس قانونية استندت السلطات الرسمية لخرق خصوصية مواطن، وتساعد تياراً سياسياً على التشهير بمواطن مارس حقّه بإخفاء هويته لانتقاد شخصيات عامة.

وبعد صدور البيان، كشف يوسف عن نفسه كمروج للصفحة، ناشراً الصور التي سبق أن نشرها على صفحة «صار لازم ترتاح» وعلّق قائلاً «عمد رئيس تحرير جريدة المستقبل جورج بكاسيني، وعضو المكتب السياسي في تيار المستقبل صالح فروخ، إلى رفع دعوى قضائية بتهمة القدح والذم والتشهير والتحقير على خلفية قيامي بنشر هذه الصورة المباركة». وفي وقت حاولت فيه أوساط التيار إظهار يوسف كمنشق عن المستقبل، يتصرف من منطلق الحقد، رفضت ما يروج عن يوسف بصفته يمثل أحد وزراء التيار، الذين يريدون فتح معارك داخلية مع أحمد الحريري قبل المؤتمر العام. وحاولت «الأخبار» التواصل مع يوسف، إلا أنه لم يُجب على محاولات الاتصال به.