IMLebanon

«المستقبل» يضع حلفاءه أمام أمر واقع جديد!

من الغباء والخبث معاً، تجاهل مرارة الشعور الذي تعيشه قيادة «المستقبل» من مواقف حلفائها المسيحيين في «14 آذار». فهي تطالبهم بموقف مؤيّد للتمديد أسوة بالوزراء والنواب المسيحيين المستقلين، وذلك على قاعدة مشاركة «التيار» في تحمّل وزر العملية على أوسع قاعدة وطنية بعدما ضمن موافقة شيعية شاملة. فما هي المؤشرات؟

ليس من مصلحة أحد إخفاء أجواء العتب الممزوج بالقلق والغضب التي تعيشها مكوّنات «14 آذار» على بعد ساعات قليلة من الموعد الذي حدَّده رئيس مجلس النواب نبيه برّي للبتّ في إقتراح القانون الخاص بالتمديد غداً الأربعاء. فالمواقف المتناقضة من هذا الإستحقاق دفعت الى حوار ساخن في بعض المحطات، عبَّرت عنه حركة الإتصالات الأخيرة.

وللتخفيف من أجواء التشنّج، قال معنيون إنّ الرئيس سعد الحريري خاض معركة سياسية في الأشهر الماضية من اجل التمديد تزامناً مع أداء حكومي تجاهل المهل الخاصة بالإنتخابات النيابية التي نصَّ عليها قانون الإنتخاب، وهو ما ترجَمه وزير الداخلية نهاد المشنوق ببرودة أعصاب قلَّ نظيرها. وكان على الجميع من داخل الحكومة وخارجها تفهّم هذا الموقف ومواجهته، لو كانت هناك إرادة لإجراء الإنتخابات النيابية.

ويعترف المراقبون بأنّ دعاة إجراء الإنتخابات ورفض التمديد تجاهلوا تجاهل الحكومة، وسكتوا كما سكتت على انتهاك المهل كافة، وسكت أيضاً مَن هم خارج الحكومة أسوة بالذين يشاركون فيها، فتساووا في إرتكاب الجرم.

ولا يتجاهل المراقبون أنّ وزارة الداخلية المعني الأوّل بكل شاردة وواردة في ملف الإنتخابات النيابية والتحضيرات الملازمة لها، عبّرت بصدق عن إهمالها لكل ما يتّصل بها من دون أن يسألها أحد عن الأمر. ففُتح باب قبول طلبات الترشيح قبل أن تشكل لجنة الإشراف على الإنتخابات النيابية، وغابت الإجراءات الخاصة باستدعاء الموظّفين الذين سيكلفون رئاسة أقلام الإنتخاب.

وهو ما أوحى بأنّ الإنتخابات ما زالت بعيدة أو أنها غير واردة على رغم إنجاز كل ما يمكن اعتباره من الترتيبات كإنجاز لوائح الشطب ضمن المهل القانونية، فيما إكتفت وزارتا الداخلية والمال بفتح باب قبول طلبات الترشيح وإستيفاء الرسوم، ولم يسمع أحد أنه رُصدت الأموال التي تحتاجها العملية الإنتخابية. وغابت كلّ التحضيرات لتجهيز 22 الف ضابط وعسكري من الجيش، وأكثر من 11 ألف من قوى الأمن الداخلي لضبط العملية الإنتخابية وحماية الناخبين.

وعلى هذه الخلفيات الإدارية، الحكومية والسياسية، التي لا يمكن الفصل بينها وبين مواقف الأحزاب والكتل النيابية التي تؤيد التمديد أو ترفضه، فقد ظهَر وجود ترابط فعلي بين السياسة الحكومية وأداء هذه الكتل، فهي في الحكومة وخارجها.

من هنا كانت ورشة الإتصالات بين أركان قوى «14 آذار» المؤيدة للإنتخابات والرافضة لها، لتوحيد مواقفها من التمديد او العكس. فقيادة «المستقبل» ذهبت بعيداً في رفضها الإنتخابات، مستندة الى موافقات ضمنية من الطرف الآخر بدليل التلاقي بين الرئيسين برّي والحريري في اللحظة المناسبة، فرفَع الأول لواء الميثاقية ليُلاقي الثاني في رفضه التمديد وسعيه الى التغطية المسيحية، لإمرار التمديد بأقل الخسائر الممكنة.

وفي هذه اللحظات كانت الإتصالات بين «المستقبل» وأطراف «14 آذار» قد بلغت الذروة، وشهِدت باريس والرياض وبكفيا ومعراب لقاءات تنسيقية سُمعت فيها بوضوح إنتقادات مبطّنة وجّهتها قيادة «المستقبل» تجاه الأطراف الأخرى، بعدما لم تتبلغ أجواء إيجابية ومساندة سوى من النواب المسيحيين المستقلين، ما رفع لهجتها في تعاطيها مع كتلتَي «القوات» والكتائب.

فتحدّث المطلعون عن لقاءات تصارَعت فيها النظريات المتناقضة، وأهمّ ما سُمع فيها ما يمكن اعتباره فتح دفتر حساب في ما تمّ تسليفه من مواقف، ومنها قول «المستقبل» لمحاوريه «إنّ الدكتور سمير جعجع فرض علينا ترشيحه الى رئاسة الجمهورية من دون أيّ تنسيق مسبَق، وقبلنا المواجهة معاً». ولذلك فإنّ ما يمكن قوله اليوم «إنّ مَن يسير معنا في مرحلة التمديد سيبقى حاضراً في مرحلة البحث عن انتخاب الرئيس العتيد وستكون الأيام بيننا فاصلة».

حتى كتابة هذا التقرير يمكن القول إنّه ليس سهلاً تحقيق أيّ تغيير في موقف الكتائب من رفض التمديد سواء حضرت كتلته الجلسة أم لم تحضر، أما موقف «القوات» فهو قيد التظهير وانتظار ما ستحمله الساعات المقبلة… واجب الوجوب.