IMLebanon

المستقبل يرفض الاستفراد بيوسف: إذا كان متورطاً «قصّولو راسو»…

فجّرت جلسة لجنة الاعلام والاتصالات النيابية، أمس، مفاجأة جديدة في فضيحة الانترنت غير الشرعي، بعد الكشف عن وجود معدات إسرائيلية في محطة الزعرور، وإعادة فتح ملفّات محطة التجسّس الاسرائيلي في الباروك.

واحتلت جلسة أمس قدراً عالياً من الأهمية، إذ جاءت بعد تصاعد الحديث عن محاولات «لفلفة» فضيحة الانترنت غير الشرعي، وما يحكى عن الضغط لعدم «جرّ الرؤوس الكبيرة المتورطة في الملف» أمام القضاء. كذلك تخلل الجلسة اطلاع أعضاء اللجنة على تقرير قدّمته مديرية المخابرات في الجيش، يفيد بأن معدات إسرائيلية كانت مركّبة في بعض المحطات. وجرى نقاش طويل حول معطيات خطيرة كشفها التقرير، على ضوء الاعترافات التي أدلى بها عدد من الموقوفين المتورطين، أبرزهم توفيق حيصو، رينو سماحة، محمد جنيد وعماد لحود. ونقلت اعترافات الموقوفين دور المدير العام لهيئة «أوجيرو» عبد المنعم يوسف من خانة المشتبه فيه إلى خانة المتهم، علماً بأنه لا يزال في فرنسا بغطاء من وزير الاتصالات بطرس حرب. أما الكلام الذي بلغ حداً كبيراً من الحساسية فتناول محطة الزعرور، واستغراب تقاعس القضاء عن توقيف عدد من المتورطين الكبار، مع أن «الجهة التي تقف خلفها معروفة» كما قال أحد نواب اللجنة لـ«الأخبار»، ومطالبة النواب بمقارنة هذه المعدات مع تلك التي كانت موجودة في محطة الباروك عام 2009، وثبت تورط مشغليها في التجسّس لحساب العدو الإسرائيلي.

ويمكن القول، إن إصرار رئيس اللجنة حسن فضل الله على «فتح كل الملفات»، أعاد ملف الانترنت غير الشرعي إلى مساراته الصحيحة، وصار أكبر من القدرة على لفلفته ومحاولات تمييعه. ووضع فضل الله «القضاء على المحك»، بحسب أحد المشاركين، إذ «بدأ بمداخلة رسم فيها مساراً جديداً للملف، مذكّراً بكل الكلام الذي قيل على طاولة اللجنة منذ الكشف عن شبكات استجرار الانترنت غير الشرعي». كذلك ذكّرهم «بما قيل عن وجود تجسّس إسرائيلي بدرجة عالية، ووجود معدات إسرائيلية»، مشدّداً على ضرورة أن «تطلع الأجهزة الأمنية اللجنة على كلّ التفاصيل، وفي حال كانت هناك ضغوطات من محميات سياسية كبيرة، فإننا نطالب بكشف كل الأسرار، وسنتحدث إلى الرئيس نبيه برّي لرفع السرية عن كل المحاضر، لنعلم الناس كيف تطمس الفضائح في هذا البلد».

وبناءً على كلام فضل الله، توسّع النقاش. وكان لافتاً أن الثناء على كلام نائب كتلة «الوفاء للمقاومة» أتى من نائب تيار المستقبل أحمد فتفت الذي وصف حديثه بـ«المحق»، حافظاً له جميل «حفظ كرامة عبد المنعم يوسف في الجلسة الماضية ورفض إهانته». بعدها، طلب رئيس اللجنة من مندوبي وزارة الداخلية مغادرة القاعة لأنه «لا نريد زيادة عدد»، كاشفاً أن «وزير الداخلية نهاد المشنوق يرفض المشاركة»، وأنه «أبلغنا بأنه في حال حضر فسيقول كلاماً بيخرب الدني». وحين سأل النواب: «لماذا لا يأتي المشنوق ويقول ما لديه؟»، ردّ فضل الله «روحوا اسألوه. أنا ما بدي أعمل مشكل». بعد ذلك بدأت المعطيات تتوالى على ضوء تقرير مديرية المخابرات، وأهمها في موضوع التجسس الذي حاول البعض تهميشه، إذ تمّ التأكد من وجود تجهيزات إسرائيلية في محطة الزعرور، وإشارة المدعي العام التمييزي القاضي سمير حمود إلى تلاعب بمسرح الجريمة، بعدما اتخذت جهة معينة قراراً بفك المعدات، ومسح «الرقم التسلسلي»، حتى لا تعود هناك قدرة على معرفة الوجهة التي تشغّلها من خارج الحدود. في هذه النقطة بالتحديد، أعيد إثارة ملف الباروك، فتبّين أن موظف «أوجيرو» الذي سرقها سابقاً وأعادها إلى أصحابها، عاد وزاول عمله في هيئة «أوجيرو» بعد خروجه من السجن. وفي ظل المعطيات التي أثبتت أن الإنترنت غير الشرعي يتم استجراره من قبرص، وتقرير قدّمه النائب غازي يوسف يشير إلى أن محطّة الزعرور هي محطة مركزية للإنترنت ويجب التركيز عليها، سئلت قيادة الجيش: لماذا لا تتم مقارنة الأرقام التسلسلية بين أجهزة الباروك وأجهزة الزعرور، وكلها موجودة عند الأجهزة الأمنية؟ لكن قيادة الجيش، بحسب يوسف، حاولت التهرب من الموضوع على اعتبار أن ملف الباروك قد أقفل. وهنا أبدى النائب يوسف استياءه من «ترك المتورطين في محطة الزعرور رغم أن الجهة التي تقف خلفها معروفة، وهناك من يحاول تأمين حماية سياسية لها». ومع أنه لم يتمّ التطرق إلى آل المر بشكل صريح، إلا أن كل الإيحاءات في كلام يوسف كانت تحاول التصويب عليهم. وقد زاد على كلامه النائبان فتفت ومعين المرعبي؛ الأول أكد «أننا لن نقبل بأن يكون يوسف كبش محرقة… إذا متورط روحوا قصّولو راسو… لكن أن يتحمّل وحده مسؤولية الملف فهذا أمر مرفوض»، فيما حاول الثاني الدفاع عن يوسف مطالباً باستدعاء قائد الجيش العماد جان قهوجي «لأنه متورط أيضاً»!

من جهة أخرى، طرحت أسئلة عدة عن المستفيدين من توزيع أرباح الإنترنت غير الشرعي وكيف تُحوّل ولمصلحة من، لكن الإجابات بقيت مبهمة، فيما ناقض حرب نفسه حين وزّع التهم على يوسف وبرّأه في آن واحد، لا سيما أن قسماً من المعدات الإسرائيلية دخلت بشكل شرعي عبر ترخيص من «أوجيرو». وكان بارزاً أن القضاة كانوا في حالة توتر واضحة، فسّرها النواب بأنها نتيجة تعرّضهم للضغط، بعدما لمّح حمود إلى «استحالة الوصول إلى النتائج المرجوّة من التحقيقات»، وأن «من الأفضل إغلاقه».

في الخلاصة، وضعت لجنة الاتصالات في جلستها النقاط على الحروف، رافضة أن «يموت هذا الملف»، كما أشار فضل الله، خصوصاً بعد أن عاد موضوع التجسّس الإسرائيلي إلى الواجهة، وتبيّن أن الأخطاء الحاصلة ليست فقط إدارية أو مالية. وبعد أن ثبت بالأدلة القاطعة أننا أمام أخطر عملية تمويه وطمس للحقائق، وضعت اللجنة القضاء أمام الأمر الواقع، وقد أعطي القضاء فرصة حتى انتهاء الانتخابات البلدية للعمل جدّياً «حتى لا تطلع القضية بالرؤوس الصغيرة، وتبقى الكبيرة فالتة».