Site icon IMLebanon

المستقبل: هزّة في ساحة خاوية!

حين كان رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع يزفّ للشارع المسيحي، من على منبر الرابية، بشرى ورقة «إعلان النوايا» مع خصمه العماد ميشال عون، لم يكن غائباً عن باله التفكير في أولئك المتوجّسين من تقارب الرجلين، وجلّهم من حلفائه في 14 آذار، وخصوصاً تيار المستقبل. ولم يكن من باب الصدفة التعاطي البارد لوسائل إعلام تيار المستقبل مع «الحدث الكبير»، وحلوله خبراً ثانوياً في المحطة التلفزيونية الزرقاء التي لم تنقله مباشرة على الهواء كما فعلت بقية المحطات. ومن المؤكد أن هذا التعاطي لم يكن هفوة تحريرية، وإنما يعكس امتعاضاً مستقبلياً من «مفاجأة» جعجع.

أمر عادي أن يستقبل الرئيس سعد الحريري الجنرال عون في باريس من دون مشاورة جعجع، وأن يطفئ الجنرال شمعاته الثمانين في بيت الوسط، لكن أن يذهب سيد معراب إلى الرابية من دون تنسيق مسبق مع الحريري، فإن من شأن هذه الخطوة أن «تبرّد العلاقة بين المستقبل والقوات في المرحلة المقبلة».

«الخطوة الاستراتيجية» التي قام بها جعجع ليست مهمّة في مضمونها لتيار المستقبل، بقدر ما هي «حسّاسة في توقيتها» الذي جاء «مع ارتفاع منسوب التوتّر والاشتباك بين حليفه السنّي وخصمه المسيحي حول نقطتين أساسيتين هما: عرسال والتعيينات الأمنية، وتأثيراتهما على مصير الحكومة التي يتعاطى معها المستقبل كأهم معقل يفرض فيه سياساته».

رسالة حريرية لجعجع: أي خطوة تخطوها في اتجاه الرابية سنخطو عشراً مثلها

ويقول مصدر مستقبلي: «حليفنا لم يراع الاشتباك القائم مع العونيين. وهو فضّل، بدلاً من دعم موقفنا، الذهاب إلى عون لتعويمه سياسياً بحجّة المخاوف المسيحية المشرقية، ما يعزّز وضعه الرئاسي، في وقت يقود فيه جنرال الرابية معركة الحزب داخل الحكومة، ويغطّي حربه في الجرود»، كما يأخذ حلفاء جعجع عليه «دعسته الناقصة بتوجّهه إلى الرابية بدلاً من عقد اللقاء في مكان وسط».

برغم ذلك، المستقبليون مقتنعون بأن «اللقاء لن يقدّم أو يؤخّر في الوضع العام»، وهو «نوع من المناورة السياسية التي تشغل الناس كما هو الحال في حوار المستقبل وحزب الله». وهم يدركون أن حليفهم «يراهن على فصل الخلافات على قاعدة تسيير خطواته انطلاقاً من مصلحته وأولويته المسيحية»، لافتين الى أنه لم تكن هناك أي إشارة في البيان إلى أنه «سيكون هناك تقارب قواتي ــــ عوني على حساب المستقبل، وخاصة في بعض الملفات الشائكة كسلاح حزب الله مثلاً». كما أن الخطوط العريضة للورقة «تشفع لجعجع لأنها أظهرت عدم تراجعه عن مواقفه المبدئية، مقابل التزام عون نوايا تناقض كل مواقفه المعلنة كحديثه عن بند السيادة وسلطة الدولة، ما يعني ضمناً التنصّل من وثيقة التفاهم مع حزب الله».

ابتلع تيار المستقبل صدمته الأولى باللقاء، قبل أن يبادر الى الرد على لسان الحريري الذي نصح عون «بعدم السير في اتجاه الشلل الحكومي، ويمكننا التفاهم معك». وهي نصيحة قرأ فيها مستقبليون رسالة حريرية الى جعجع مفادها: «أي خطوة تخطوها في اتجاه الرابية، ستواجه بعشر خطوات من قبل المستقبل نحوها». على أي حال، يبقى هذا اللقاء ــــ الحدث «مبالغاً فيه» بنظر تيار المستقبل، ومصحوباً بنوع من المقارنة الممزوجة بالسخرية، إذ يشبّهه هؤلاء بالحوار الجاري بين التيار والحزب، الذي لا يعدو كونه «هزّة في ساحة خاوية»!