عندما يتساءل المواطن الطرابلسي عما جرى في طرابلس حيث لا تزال نتائج الانتخابات البلدية فيها محور المجالس السياسية وموضع تقويم لدى القيادات السياسية لتحديد الاسباب وتشريح الواقع السياسي المستجد حيث يقول احد المصادر ان ما بعد الانتخابات ليس كقبلها في ظل الموجة «الريفية» الجديدة بالعباءة الحريرية الاصولية المتشددة، فان بعض الاوساط الطرابلسية تقرأ المشهد الطرابلسي من زاوية مختلفة لا ترى في الاندفاعة الشعبية نحو الوزير ريفي الكثير من التغيير سوى انه تعبير عن نقمة شعبية على التيار الازرق بالانحياز الى «المظلوم» الذي تكتلت في وجه كل القوى السياسية وخاصة التيار الذي كان احد اركانه… بل ان المصدر الطرابلسي يرى في الانحياز الى الريفي المظلوم انحيازاً الى مظلوميتهم حيث المظلومية جمعت ووحدت بين اهل الاحياء الشعبية والوزير ريفي.
غير ان احد فاعليات طرابلس عضو مجلس بلدية طرابلس المحامي خالد صبح الذي شكل حالة خاصة في المجلس السابق من خلال حركته الاعتراضية على كثير من الممارسات السياسية كما على كثير من الاداء البلدي وهو احد ابناء باب التبانة سأل وفي سؤاله ما يثير التساؤلات التي يمكن وضعها في اطار توجيه الرسائل الى قيادات المدينة كافة اذ قال متسائلا: ما هو تأثير تحالف الاضداد على ابناء التبانة ومحاور القتال وعلى اهالي الشهداء وامهاتهم الثكالى واطفالهم اليتامى وإخوتهم المسجونين ضحايا التفلت الامني والخطة والحرب التي إنطفأت بعدما توافق المتخاصمون وشاركوا بحكومة المصلحة الوطنية..!؟
وما هو تأثير تحالف الاضداد على اصحاب المؤسسات التجارية التي افلست وما زالت الحركة الاقتصادية معدومة في مدينة أفقدوها مقومات الحياة..!؟
وما هو تأثير تحالف وتوافق الاضداد على الشباب العاطل عن العمل وهجرتهم بمراكب الموت والفقر الذي اكل كل الامل..!؟
ويتابع صبح : والسؤال الذي يطرح نفسه هنا… اوليس الوزير ريفي المنتصر… كان جزءاً من حكومة المصلحة الوطنية التي جمعت حزب الله وكل مكونات ما يعرف بـ 14 اذار (ما عدا تيار القوات ) وتيار المستقبل والتي سربلت شباب محاور القتال الى السجون تحت شعار الخطة الامنية…!؟
واضاف صبح: «وما هو تأثير تحالف او توافق الاضداد الذين أغرقوا طرابلس بحمام دم لم ينته و يؤرخ له بجولاته الـ32 وباختطاف المدينة طيلة اربع سنوات بقوة الحديد والنار!؟
وما هو تأثير هذا التحالف والتوافق بين الاضداد الذين اشبعوا البلاد بشعارات التخوين والتحريض وإثارة كل النعرات المذهبية… والاعتصامات بوجه الرئيس ميقاتي الذي نعت من قبلهم «بالخائن»!! وتحت منزله اقاموا الخيم ومهرجانات شتمه وشتم حزب الله حليفهم فيما بعد بحكومة «ربط النزاع برئاسة دولة الرئيس سلام…!!؟»
لعل ما طرحه صبح في هذه التساؤلات ما يفتح الملف الطرابلسي برمته على طاولة الطبقة السياسية الطرابلسية بكل مكونتها حيث يشير مصدر طرابلسي الى ان هذه التساؤلات جديرة بالاهتمام لمعالجة مكامن الخلل في عمق المشكلة السياسية الطرابلسية حيث لا تزال المدينة تفتش عن مرجعية سياسية لها وقد علق الطرابلسيون آمالهم على الرئيس ميقاتي الذي بقي متواصلا معهم من خلال مؤسساته وخدماته في وقت انكفأ فيه التيار الازرق كما انكفأ زعيمه الرئيس الحريري الذي لم يغدق على طرابلس والطرابلسيين الا الوعود فيما مستوى البطالة والحرمان والفقر ارتفع وباتت المدينة تحت خط الفقر والجوع ولم يوظفهم التيار الازرق الا وقودا في معاركه السياسية انتهت بهم الى السجون والى تدمير المؤسسات التجارية خاصة التبانة المعروفة تاريخيا بانها باب الذهب وبوابة طرابلس ولبنان كله الى سوريا والعالم العربي والغربي ومقصدا لتجار العالم الكبار قبل أن تدمرها الحروب العبثية المفتعلة بفعل الشحن المذهبي البغيض الذي دمر حياة التبانة وحركتها التجارية وجعلها منطقة شبه مهجورة.
ولعل التمرد الشعبي على التيار الازرق دفع بفقراء المدينة للانحياز الى ريفي حين لمسوا محاصرته ممن كان لهم الرافعة في مدينة طرابلس فوجدوا فيه «المنقذ من الضلال» حسب رأي المصدر الطرابلسي، وهي – يتابع المصدر – انها مرحلة تستدعي حسن التصرف وحسن التوظيف من قبل القيادات السياسية، مشيرا الى ان الرئيس ميقاتي وحده احسن قراءة النتائج بالمسارعة الى تهنئة الفائزين حيث هم مقربون منه وليسوا على فراق او على خلاف مع نهجه المعتدل بل يرون فيه المرجعية الطرابلسية الجديرة بقيادة سفينة طرابلس والشمال نحو بر الامان المعيشي والاقتصادي كما يتوقعون منه المبادرة الى تفعيل المرافق الحيوية في طرابلس من المنطقة الاقتصادية في المرفأ الى معرض رشيد كرامي الدولي الذي أهين مؤخرا بتحويله الى قاعة أعراس – حسب تعبير المصدر.
كما يرى المصدر ان المجلــس البـلدي الجديد امامه مهمات جسام والانفتاح على كل مكونات طرابلس السياسية بدءا من الرئيس ميقاتي الذي كان اول من مد يده مهنئا…
غير ان المصدر يلفت نظر اعضاء المجلس البلدي الى ان في طرابلس احياء شعبية فقيرة اندفعت برمتها تقترع للائحة التمرد على الارادة السياسية حسب تعبيره وهي مناطق لا تزال خارج الزمن بفعل الاهمال والحرمان والا ستكون امام محاسبة شعبية كبيرة تشبه زلزال النتائج الانتخابية الاخيرة…
وحسب المصدر ان هذه الانتخابات انتهت بتشكيل ازمة داخل صفوف التيار الازرق المربك بقياداته ومسؤوليه الذين يستعدون للمحاسبة والمساءلة… ودراسة كيفية مواجهة الحالة الريفية التي تمتد على حساب «الازرق» دون غيره من القيادات والتيارات السياسية الاخرى…