IMLebanon

«المستقبل» يدرس نتائج طرابلس: لا تحدّد أحجاماً سياسية

يكاد كوادر «تيار المستقبل» في طرابلس لا يخرجون من مكاتبهم على مدار ساعات النهار والليل، وهم ينكبون على دراسة دقيقة ومتأنية لأقلام الاقتراع المتعلقة بالانتخابات البلدية، لمعرفة الأسباب الحقيقية الكامنة وراء الخسارة التي لحقت بلائحة «لطرابلس» المدعومة من التحالف السياسي الذي كان الرئيس سعد الحريري طرفاً أساسياً فيه، وكان يسعى من خلاله الى تحجيم حضور وزير العدل المستقيل اللواء أشرف ريفي في مدينته، قبل أن يفجر ريفي مفاجأته الثقيلة بوجه الحريري وسائر أركان التحالف، بفوز 16 عضواً من لائحته، وهو طالب، أمس، بعد زيارته مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان في دار الفتوى، بإعادة عمليات الفرز اقتناعاً منه بأن عدد الناجحين يجب أن يكون أكثر.

وعلمت «السفير» أن الرئيس الحريري، المنزعج كثيراً مما آلت إليه نتائج الانتخابات، طلب من منسقية «المستقبل» تقارير العملية الانتخابية بالتفاصيل المملّة، ليبني على الشيء مقتضاه، وليعرف مكامن الخلل في تياره، وفي ماكينته الانتخابية التي بلغه أيضاً أنها كانت غائبة عن السمع يوم الانتخاب، وليعيد حساباته حيال طرابلس وقاعدته الشعبية التي يبدو أن أصواتاً بالجملة تسرّبت منها لمصلحة «لائحة قرار طرابلس» المدعومة من ريفي.

كما علمت «السفير» أن منسقية «المستقبل» في طرابلس ستعقد اجتماعاً موسعاً الاسبوع المقبل بمشاركة نواب التيار في المدينة، للاطلاع على التقارير التي ستصدر عن دراسة أقلام الاقتراع قبل وضعها بتصرّف الرئيس الحريري.

وتؤكد مصادر لوجستية في منسقية «المستقبل» أنه ليس صحيحاً أن الماكينة الانتخابية كانت غائبة، بل كانت تقوم بواجبها، لكنها واجهت صعوبة في إقناع الناخبين بالتصويت للائحة التحالف، خصوصاً أن القاعدة الشعبية الزرقاء لم تهضم التحالف الذي ظهر فجأة بين الرئيسين سعد الحريري ونجيب ميقاتي، وكذلك مشاركة الوزير السابق فيصل كرامي و «الأحباش» فيه.

وتقول هذه المصادر إن جمهور «المستقبل» انقسم الى أربع فئات: الفئة الأولى التزمت بالتحالف وصوتت للائحة مكتملة، والثانية عملت على تشكيل لوائحها المنزلية التي ضمت مرشحين مختلفين، والثالثة أعطت أصواتها للائحة ريفي، والرابعة أحجمت عن التصويت وهي الفئة الأكبر.

ويقول منسق تيار «المستقبل» ناصر عدرة لـ«السفير»: «ما حصل هو مجرد حالة اعتراضية على أمور كثيرة، أبرزها التحالف السياسي الذي لم يقنع القاعدة الشعبية التي كانت تحتاج الى تمهيد والى مزيد من الوقت لاستيعابه، إضافة الى الطريقة التي تمّت فيها تشكيل اللائحة وعدم تمثيل المناطق الشعبية».

ويشدد عدرة على أن «الانتخابات البلدية لا تحدّد أحجاماً سياسية، نظراً للتداخل العائلي والاجتماعي فيها والذي يتقدم في كثير من الأحيان على الالتزام السياسي»، مؤكداً أن «تيار المستقبل لم يتراجع ولم يخسر بشكل كامل، بل كان واحداً من كثيرين لم يقرأوا الشارع الطرابلسي وتطلعاته ورغباته بشكل جيد، وأن جمهور المستقبل ما يزال ملتزماً بالرئيس الحريري».

ويقول عضو المكتب السياسي لتيار «المستقبل» النائب السابق الدكتور مصطفى علوش: «لقد استخفّ التحالف السياسي بالمعركة كثيراً، فتراخى الجميع ولم يجمعوا أكثر من 1800 مندوب، في حين كان حجم ماكينة اللائحة المدعومة من ريفي أربعة آلاف مندوب، وهم مع بداية اليوم الانتخابي لم يكونوا منظمين لكن جرى تنظيمهم في الساعة الأخيرة وصبوا كل أصواتهم للائحة».

ويؤكد علوش أنه كان مع أن يخوض تيار «المستقبل» المعركة بمفرده، لكنه في النهاية التزم بقرار الرئيس الحريري، لافتاً الانتباه الى أن «الوزير ريفي عرف كيف يستخدم لغة الشارع الطرابلسي، وهو نجح بـ 12 بالمئة من أصوات الناخبين».

ويعترف علوش أن «ريفي تغلب على جميع أركان التحالف السياسي، وهو وجه رسالة الى الرئيس الحريري بأنه يمتلك حيثية شعبية في طرابلس»، لافتاً الانتباه الى أن «ظاهرة ريفي كبرت مثل كرة الثلج، والقوى السياسية المحلية والإقليمية اعترفت له بانتصاره، في حين عبر الناخبون بأنهم يتمسكون بخطاب 14 آذار العالي، كما أظهرت الانتخابات وتداعياتها على المستوى السني بأن السنة سئموا التنازلات».

ويعتقد علوش أن «الأمور من المفترض أن تسوّى بين تيار المستقبل وريفي، وهو بالأمس اتصل بالنائب بهية الحريري، لكن يبدو أن ريفي سيطلب التعامل معه على أساس من الندية».