IMLebanon

المستقبل: للنيل من باسيل وبري: للجم عون

من دون أيّ تنسيق مُسبق أو مُتعمّد، تقاطعت أخيراً مجموعة من الهجمات الإعلاميّة المُتتالية على وزارة الطاقة والمياه في لبنان، إنطلاقاً من ملفّ الكهرباء المُتعثّر منذ عقود، وفي ظلّ صراع سياسي حاد بين أكثر من طرف وجهة تعمل على إستغلال ما يُحكى عن صفقات وعن ملفّات فساد للنيل من خصومها السياسيّين. وفي هذا السياق، يمكن تسجيل سلسلة من الوقائع التي تُثبت «الهجوم الثلاثي» ـ إذا جاز التعبير، ولوّ أنّ كل طرف من «المُهاجمين» إنطلق من دوافع مُستقلة ومختلفة تماماً.

وأوضحت مصادر سياسيّة مُطلعة أنّه بالنسبة إلى «الحراك المدني» فهو سلّط أخيراً الضوء على ملف الكهرباء، كونه من الملفّات التي تلقى تأييداً شعبياً واسعاً في لبنان، بسبب الإنقطاع الدائم للتيّار الكهربائي، وما يعنيه هذا الأمر من مشاكل وصعوبات للبنانيّين ومن مصاريف إضافية عليهم، وذلك إنطلاقاً من سعي «الحراك» لرفع مختلف المطالب الإجتماعيّة، لا سيّما تلك الشائكة منها، في محاولة لجذب تأييد أوسع شريحة ممكنة من اللبنانيّين.

وأشارت هذه المصادر إلى أنّ أسباب دوافع «هُجوم» وزير المال علي حسن خليل على وزارة الطاقة والمياه مُتعدّدة، وتبدأ بصراع النفوذ بين مُوظّفي حركة «أمل» وموظّفي «التيار الوطني الحُر» في المؤسّسات التابعة للوزارة المذكورة، وتمرّ بمعارك تسجيل النقاط السياسيّة وتبادل تهم الفساد بين الطرفين وتحديداً بين الوزير خليل والوزير جبران باسيل، وتصل إلى «الزكزكة» المُتبادلة بين الرئيس نبيه برّي والعماد ميشال عون، بسبب تباينات سياسيّة أعمق وأهمّ بكثير من الخلافات الصغيرة على موضوع وزارة الطاقة.

وأضافت المصادر السياسيّة المُطلعة عينها أنّ المحور الثالث للهجوم على وزارة الطاقة يقوده عدد من مسؤولي «تيّار المُستقبل» الذين دخلوا على خط الصراع بين «أمل» و«التيار الوطني الحُر» وركبوا موجة إضاءة «الحراك الشعبي» على فشل قطاع الكهرباء، وذلك لأهداف محض سياسيّة وبلوّ بخلفيّات إجتماعيّة. وهدف «تيّار المُستقبل» ـ بحسب المصادر نفسها، ضرب شعارات «التيار الوطني الحُر» بشأن «الإصلاح والتغيير» وإفراغ كل شعاراته بمحاربة الفساد من مضمونها، عبر إثبات ضلوع رموزه في هذا الفساد، خاصة أنّ التُهم الموجهة الى الوزير باسيل غير محصورة بخصوم «التيّار» السياسيّين، حتى يُقال عنها بأنّها مُسيّسة، بل تشمل جهات سياسيّة يُفترض أنّها حليفة للتيار الوطني الحرّ، وكذلك جماعات «الحراك المدني» التي يُفترض أنّها مرآة لآراء الرأي العام.

ولفتت المصادر السياسيّة المُطلعة إلى أنّه إذا كان صحيحاً أنّه من غير المُنصف ولا العادل حصر فشل وزارة الطاقة والمياه الذريع في معالجة ملفّ الكهرباء المُزمن، بوزير من هنا أو بعهد حُكومي من هناك، فالأصحّ أنّ «التيّار الوطني الحرّ» يتحمّل مسؤولية كبيرة في هذا الصدد، باعتبار أنّ الملفّ في عهدته منذ صيف العام 2008 حتى اليوم. وذكّرت هذه المصادر بأنّ الوزير جبران باسيل إستلم وزارة الطاقة في 9 تشرين الثاني 2009 حتى 13 حزيران 2011 في حكومة الرئيس سعد الحريري آنذاك، ثم جُدّد له في هذه المسؤولية بعد إعادة تعيينه وزيراً للطاقة والمياه في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، إعتباراً من 13 حزيران 2011 وإلى حين تشكيل حكومة الرئيس تمام سلام في 15 شباط 2014، علماً أنّ وزارة الطاقة والمياه بقيت بعد ذلك بعهدة وزير محسوب على «تكتّل التغيير والإصلاح» هو أرتور نظريان الذي واصل فريق عمله مُتابعة الخطة المُفترضة للوزير باسيل للنهوض بقطاع الكهرباء.

وكشفت المصادر السياسيّة المُطلعة أنّ قوى «14 آذار» تنوي الردّ على مُحاولات حصر كل الفساد في لبنان بعهد رئيس الحكومة الراحل الشيخ رفيق الحريري، وبفريقه السياسي، بالإضاءة على عدة ملفّات فساد لم يكن لتيّار المُستقبل علاقة محوريّة بها، وفي طليعتها ملف الكهرباء. وأضافت أنّ الإختيار وقع على هذا الملفّ كبداية للهجوم السياسي والإعلامي المُضاد من قبل «تيّار المُستقبل» والقوى الحليفة، كونه يُشكّل ملفّاً حسّاساً للبنانيّين الذين كانوا قد علّقوا آمالاً عالية عليه في السنوات القليلة الماضية، بسبب وعود الوزير باسيل بتأمين الكهرباء بشكل دائم، قبل أن يصدمهم الواقع المأساوي لقطاع الكهرباء حالياً، مع تحوّل وجود باخرتي توليد الطاقة من حلّ مرحلي لحين نجاح خطة بناء مصانع جديدة وصيانة الموجودة، إلى وجود دائم لا يُمكن الإستغناء عنه، مع كل رائحة الفساد التي تحوم حول مشاكل تشغيل الباخرتين وصيانة المعامل الموجودة، في ظلّ حديث عن «مافيا» للكهرباء تفوق «مافيا» النفايات!

وختمت المصادر السياسية المُطلعة كلامها بتوقّع أنّ يبقى التصعيد قائماً في ملفّ الكهرباء، بغضّ النظر عن محاولات تقريب وجهات النظر بين الرئيس بري والعماد عون، والوزراء والمسؤولين المحسوبين عليهما، حيث سيؤدي «تيّار المُستقبل» دور الرافعة لهذا الملف بهدف النيل من الوزير باسيل، وما حصل في إجتماع لجنة الأشغال والطاقة العامة في مجلس النوّاب أمس أحد الأمثلة على ذلك، علماً أنّ «المُستقبل» ينوي إستغلال «الحراك الشعبي» ضدّ فشل وزارة الطاقة من جهة، واستغلال سعي الرئيس برّي للجم العماد عون وللحدّ من تهجّماته عليه وعلى وزراء ومسؤولي «حركة أمل» من جهة أخرى.